أدركت صلاة الجماعة بأحد الأسواق الشهيرة بأم درمان «سوق ليبيا»، وقد فرش أحد فاعلي الخير الذين هم كُثر في وطننا الغالي، فرشات وملأ أباريق للوضوء، وكانت الصفوف قد زادت على الثلاثة، كنت أقف في آخر الصف ومن حولي عدد من الشباب وعندما أقيمت الصلاة سحبني هؤلاء الشباب للأمام لأصلي بالجماعة ولكنني رفضت متذرعاً بأنني عابر سبيل ولست مقيماً ولكن الشباب لم يتركوني، بل دفعوني إلى الأمام دفعاً، بل قال لي أحدهم في أذني «حرَّم تصلي».. استغربت جداً وقلت في خاطري الصلاة ما فيها حرَّم أظن هؤلاء الشباب هم نشا... استغفر الله العظيم إن بعض الظن إثم، فالحمد لله صليت بهم صلاة مودع، وبعد الفراغ أدخلت يدي في جيبي لأخرج السبحة للباقيات الصالحات ولكن دهشت عندما وجدت جيبي مزق بموس حادة ونشلت السبحة، فقلت لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم الدايم وجه الله نشلوا السبحة. فقال لي أحد المصلين يا شيخنا إذا أنت نشلوا سبحتك نحن نقول عدس؟ قلت «المؤمن مصاب»، ربي إني مغلوب فانتصر، وصليت ركعتين شكوت كربي وهمي على فقد السبحة إلى الله العظيم، وقلت في سجودي «إنه على رجعه لقادر»، ربي أجمع بيني وبين سبحتي إنك على كل شيء قدير، فالسبحة لها معي زمن طويل لا تفارقني أبداً، فهي آخر ما يكون بجانبي ساعة النوم، وأول ما يكون بجانبي عندما أصحو للذكر والصلاة، لقد تعودت عليها فلو نسيتها بالبيت رجعت لأخذها معي. المهم بينما أنا في هذه الحالة من التضرع والاستعانة بالله العظيم، إذ أقبل عليّ رجلان من شرطة النظام العام يجرون معهم شخصاً هو ذلك الشخص الذي قال لي «حرَّم تصلي»، وقالوا لي هل هذه سبحتك؟.. قلت نعم الحمد لله والشكر لكم والشكر لوزير الداخلية والشكر ثم الشكر لرئيس البلد، هذه السبحة غالية جداً عندي، فقالوا هذا الشخص سرق سبحتك وأيضاً سرق موبايل أمام أعيننا، فعندما قبضنا عليه أخبرنا بأنه سرق سبحة من شيخ يصلي. مرت الأيام والسنين وفجأة التقيت بشاب ورع يبدو عليه الصلاح وسلم عليّ بحرارة شديدة جعلتني أحاول بكل قواي أن أتذكر أين التقيت بهذا الشاب، هل هو إمام مسجد أو داعية أو ابن شيخ من معارفي، ولكنه أنقذني من تلك الحيرة وقال لي «الجماعة جلدوني جلدة حارة»، ولكن كانت سبحتك سبباً في توبتي توبة نصوحة، فقلت فليغفر الله لنا ويرحمنا جميعاً كلنا نشالين، منا من ينشل الفكرة من صاحبها، ومنا من ينشل اللحن من صاحبهو ومنا من ينشل المنصب من مستحقه، ومنا من ينشل المال العام ومنا من ينشل عرق غيره.. فالحمد لله الذي صدق وقال: (... ومن يتقِ الله يجعل له مخرجاً) «سورة الطلاق آية «2»