قبل «8» ساعات من صدور مراسيم تشكيل حكومة القاعدة العريضة وقّع حزبا المؤتمر الوطني والحزب الاتّحادي الديمقراطي بزعامة الميرغني على الاتّفاق السياسي حول القضايا الوطنية التي قرّر الطرفان إنفاذها.. كبرنامج سياسي واقتصادي واجتماعي وإعلامي ورياضي لمرحلة الشراكة الجديدة بين أكبر قوتين في الساحة السياسية بعد انفصال الجنوب وتبادل المؤتمر الوطني والحزب الاتحادي الإطراء حيناً ولم تخل قاعة الشهيد مجذوب الخليفة بمقر الوطني قبالة مطار الخرطوم من مخاشنات لفظية بين عثمان عمر الشريف القيادي في الحزب الاتّحادي الديمقراطي ود. نافع علي نافع الذي تصدّى «بشراسة» لهجمات عثمان عمر الشريف ولكن الخليفة عبد المجيد أبرز زعماء الطريقة الختمية داعب د. نافع تخفيفاً لهجمات «عمر» بقوله مبروك لقد تقرّر منحك مرتبة نصف خليفة!! وتسربت معلومات عن التشكيل الوزاري من حيث عدد الحقائب التي صارت «30» حقيبة بدلاً من «34» حقيبة وخفض عدد وزراء الدولة من «48» وزير دولة إلى «25» وزير دولة.. وشهد مقر المؤتمر الوطني حركة دؤوبة لقيادات نافذة في الحزب والحركة الإسلامية للتحضير لاجتماع المكتب القيادي الذي بدأ الساعة الثامنة بعدد «45» عضواً بعد أن تمّ تقليص عضوية المكتب للمنتخبين فقط من الشورى والمستكملين.. وتبدىّ د. نافع في أمسية أمس كرب الأسرة الذي يعد نفسه لزواج ابنه الأول إن لم يتزوج هو نفسه!! وحتى لحظة كتابة هذا التقرير ظل المؤتمر الوطني صامتاً من الخارج في انتظار إطلالة البروفيسور غندور لإعلان إجازة الحكومة ووزراء المؤتمر الوطني بعد أن تسلّم الحزب صباح أمس قائمة بمرشحي الحزب الاتّحادي الديمقراطي حيث رشّح الحزب ثلاثة أسماء لأيّ من الحقائب التي آلت إليه ليختار الرئيس أحدهم. الاتّفاق السياسي حينما وقّع البروفيسور إبراهيم أحمد عمر والأمير أحمد سعد عمر على نص الاتّفاق السياسي والاقتصادي كخارطة طريق لدخول الحزب الاتّحادي الديمقراطي الحكومة المُوسّعة هتف المهندس محمد عبّاس أحد الشباب المُتشددين والمُغرمين بالسيّد محمد عثمان الميرغني «نحن نؤيد رأي السيّد».. «نحن نؤيد حزب السيّد».. «عاش أبوهاشم.. عاش أبو هاشم» وتسلّل صوت ماما صفية إحدى قياديات الحزب الاتّحادي الديمقراطي ومُقدّمة برامج الأطفال الشهيرة في التلفزيون السوداني وهي تهتف «أبوجلابية حبيب الأُمّة» ولم تصدُر هتافات من قيادات المؤتمر الوطني التي جلس بعضها في الصفوف الخلفية وأفسح الكراسي الوثيرة لقيادات الاتّحادي حيث يعيش الوطني والاتّحادي حالة حُب عميق بعد جفوة وخصام تمدّد لسنوات كأنّهما نجما زحل والزهراء ولم نُسم أحدهما بزحل والآخر بالزهراء لأنّ الفلكيين يعتبرون زحلاً نجم نحسٍ والزهراء نجم سعدٍ وبينهما جفوة لا يقترنان مثل حالة الزهراء والمشترى وهما نجما سعد ولكن الوطني والاتّحادي يوم أمس في دار الأوّل تبدّت عليهما علامات الاقتران الأبدي مثل اقتران المشترى والزهراء يوم ميلاد المسيح عليه السلام وفيما يُعرف عندهم بنجمة بيت لحم. وفي مشاهد احتفالية التوقيع جلس السيّد جعفر محمد عثمان الميرغني الذي خُلع عليه بالأمس لقب دكتور فيما جلس قُبالة نائب رئيس الجمهورية د. الحاج آدم يوسف الخليفة عبد المجيد ومحمد أحمد الأموي المُشرف السياسي على الشمالية وتبادل علي محجوب مالك مُقرِّر لجنة الحوار الهمسات مع الأستاذة سامية أحمد محمد فيما كان د. كمال عبيد أكثر سعادة حتى من يوم إطلاقه لحقنته الشهيرة التي ساهمت في تغذية شرايين الحركة الشعبية بجينات الانفصال.. وجاء من دولة الإمارات العربية رئيس الجالية هناك علي أبوزيد ومن دارفور أبوسن الدابي.. وشكّل د. عيسى بشرى محمد وزير العلوم والتّقانة حضوراً متأخراً بعد بدء المُخاطبات التي ابتدرها البروفيسور إبراهيم أحمد عمر وقال إنّ الوطني والاتحادي يضعان لبنة تعاون مُشترك حيث تمّ الاتّفاق حول كل القضايا الوطنية ولم يشأ الخوض في تفاصيل ما تمّ الاتّفاق عليه. وقال الأمير أحمد سعد عمر- مهندس الاتّفاق من جهة الحزب الاتحادي الديمقراطي - إنهم عازمون على انقاذ البلاد وخلال عشرة أشهر تمدد الحوار بين الوطني والاتحادي في كل القضايا من الدستور ودارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق وأبيي وكان حواراً جاداً ومخلصاً. عثمان عمر في المنبر!! لعثمان عمر الشريف حب عميق وبينه و «المايكرفون» علاقة أصولية بمعناها اللغوي وهي التمسّك غير العقلاني بفكرة ما والعجز عن النظر لمتغيرات الساحة وقدم البروفيسور إبراهيم غندور صديقه عثمان خارج سقوفات البرتكول حيث كان الجميع ينتظرون حديثاً لدكتور نافع وآخر «للدكتور» جعفر الميرغني لمحو آثار حديث القصر الذي «سلخه الصحافيون» كما «يسلخ الشعب السوداني جلد النّاموسة» على قول الإمام الصادق وغرام عثمان عمر بالميكرفون وهو يتوكأ على عصاه قال إن الإنقاذ دمّرت الاقتصاد والزراعة ومشروع الجزيرة وإنّ الاتفاق الذي تمّ التوقيع عليه سيُراجع مسألة الخصخصة من الاتّصالات حتى آخر مؤسسة وكاد أن يقول غندور لعثمان عمر «خذلتني» اليوم بعد أن نصرتني أمس في ندوة «أحذية المُناضلين» حينما هاجم عثمان عمر من هتفوا ضدّه «لا وفاق مع النّفاق» وقال للهاتفين «أنتم المُنافقين» وتبدلت لهجة عثمان عمر بين عشية دار حزب الأُمّة وظهيرة المؤتمر الوطني. نافع يُهاجم بضراوة لم يشأ د. نافع علي نافع لعثمان عمر أن يطعن المؤتمر الوطني في داره ويذهب لينام قرير العين فقال بلهجته التي زاوجت بين الصرامة فيما يعتقد أنه الحق والنّظر لواجب احترام الضيف، قال إنّ القوى العلمانية التي تتربص بالإسلام تنظر لأية انتخابات لا تأتي بها للسلطة على أنّها انتخابات زائفة!! وقال «نعم للمعارضة والرأي والرأي الآخر ولكننا نرفض التهريج والتّعدي على الآخر ودافع د. نافع عن القيادي د. إبراهيم غندور وقال إننا من ينهض بتنمية السودان وحفظ أمنه ورعاية حرماته وحينما عرضنا دستور 1998م على الحركة الشعبية حينما تفاوضنا معها لم تخرق الحركة أو تضيف بنداً واحداً والآن نعد لدستور وطني جديد نفتح الباب واسعاً لكل صاحب رأي ولكننا نرفض التطاول والذين يتحدّثون عن الديمقراطية عليهم احترام رأي الآخرين وبدأ هتاف الاتحاديين عن «أبو هاشم» وتمجيده مثيراً لحنق الإسلاميين وضاق صدر د. نافع لما رددت القاعة صدى صوت شاب يمجد «السيد» فقال د. نافع «نحن في المؤتمر الوطني مؤسسة ليس فيها ولاء للأشخاص» وقال لعثمان عمر الشريف جئنا للسلطة ووجدنا في خزانة حكومة السودان مائة ألف دولار فهل دولة في خزانتها مائة ألف دولار تستطيع النهوض بزراعة أو صناعة. مشاهد وصور انشغل د. نافع أثناء المخاطبات بقراءة نصوص الاتفاق بإمعان شديد وظل يضع يده اليسرى على رأسه ويقرأ بعض الفقرات في الاتّفاق.. فهل غياب د. نافع الأخير عن السودان حال دون متابعته مسار التفاوض مع الاتحادي ولم تتثن له قراءة الاتّفاق إلا داخل القاعة؟؟ رؤساء تحرير صحف كبيرة كانوا شهوداً على الاتّفاق في مقدمتهم الأستاذ عادل الباز رئيس تحرير الأحداث والأستاذ الكبير كمال حسن بخيت رئيس تحرير الرأي العام والأستاذ رحاب طه محمد أحمد رئيس تحرير الوفاق والأستاذ عمّار سليمان رئيس تحرير الآن وعدد كبير من الكتاب. نجاحات الصحافي فضل الله رابح في النّقل التلفزيوني تمدّدت من المؤتمر الاستثنائي إلى مؤتمر إعلان الشراكة.. رابح صحافي متعدد المواهب.. كتب شهادة نجاحه في التلفزيون بالمثابرة والجرأة والابتكار.