جلّ الذين تواجدوا في باحة دار المؤتمر الوطني وبما فيهم الصحفيون يوم أمس قاموا بدور المرشد بل بعضهم أناب عن شرطي المرور في تحديد الاتجاه لمكان قاعة الراحل د. مجذوب الخليفة «قاعة الشورى» وذلك أن الاتحاديين الذين توافدوا لحضور حفل توقيع تراضي حزبهم مع المؤتمر الوطني يجهلون دروب الدار الفسيحة.. وشخصي ومعي الشابان بأمانة إعلام الوطني ياسر يوسف وقبيس أحمد المصطفى أرشدنا السفير صلاح محمد الحسن لمكان القاعة بل حتى موكب مساعد رئيس الجمهورية جعفر الميرغني ضلّ طريقه داخل حوش الوطني لكن المهم أن الاتحادي اهتدى إلى ما هو أهم وهو التوصل لاتفاق مع الوطني، هذه بعض من ملامح ما جرى أمس. الاتحادي.. حضور قبل أهل الدار بعيداً عن الخبث فالمثل القائل «الشفقة تطير» انطبق إلى حد كبير على قيادات الحزب الاتحادي الأصل التي حضرت مبكرة إلى دار الوطني بل حضرت كل القيادات قبل حضور كل قيادات الوطني عدا البروفيسور إبراهيم أحمد عمر الذي تأخر بعض الشيء وقد وصل نائب رئيس الجمهورية د. الحاج آدم ثم د. نافع علي ثم بعض القيادات منها البروفيسور إبراهيم غندور والوزير كمال عبيد وقطبي المهدي وعيسى بشري.. ولعل البكور هو شعار الاتحادي الذي بدأ واضحاً تطبيقه من خلال تدشينه لمسألة المشاركة قبل كل شيء بدخول نجل الميرغني ومساعدة الحكومة بتعيين الابن مساعداً، والمساعد مستشاراً، وحدث ذلك رغم أن نائب رئيس الوطني د. نافع علي نافع قال في كلمته في الحفل إن الاتفاق مع الاتحادي حول القضايا وليس المشاركة وأن آخر مانوقش فيه قضية المشاركة وللمفارقة هي أول ما نفِّذ في اتفاق الحزبين. د. نافع.. «من خلي عادتو»!! يحمد للدكتور نافع صراحته وجرأته في طرح رؤية حزبه التي يؤمن بها إيماناً لا زعزعة فيه، وليس هناك أدنى شك في مصداقية الرجل الذي يرمي بما في قلبه إلى لسانه ولعل الرجل لو حاول أن يخرج من هذه الشخصية التي يجسدها بامتياز لنال كثيرون من الحزب وبالقطع هناك آخرون مثلهم لكن يتقدمهم نافع وبفارق كبير.. بالأمس ومع أن المكان سادته روح الاحتفائية بتوقيع الطرفين على الاتفاق الذي توصلا إليه بعد تفاوض دام عشرة أشهر إلا أن مساعد الرئيس د. نافع ردّ وبقوة على الخطاب الهتافي الذي يشابه ما يدور في أركان النقاش والذي ألقاه القيادي الاتحادي عثمان عمر الشريف وللمفارقة فإن كلمته لم تكن مدرجة ضمن البرنامج وقد هاجم الوطني حتى أن أحد مرافقي نجل الميرغني مد إليه ورقة ربما حملت إحدى عبارتين إما «اختصر» أو «هدي» وقد كان أن نفذ العبارتين. عاش أبو هاشم.. بوار الهتاف!! لم يرق جو القاعة الساخنة بعض الشيء والهادئة إلى حد كبير عدا من أصوات فلاشات الكاميرات التي ملأت المكان إلى عدد من شباب الحزب الاتحادي وقد نهض أحدهم من وسط الحضور وهتف ممجداً الميرغني وهو يقول: « أمل الأمة ياعثمان.. كنا بنتمنى قائد ينقذنا.. بايعناك ياعثمان قائدنا حبيبنا» الأمر الذي حمّس آخر كان مرافقاً لنجل الميرغني وهتف بصوت عالٍ «عاش أبو هاشم.. نحن نؤيد رأي السيد». ومن ثم ظلت العبارات الأخيرة تقطع خطابات المنصة بين الحين والآخر ولكن لم تجد تلك الهتافات رواجاً كثيرًا بعد الحديث الساخن لنافع الذي قال :« أود أن أرد على حديث عثمان الشريف» وباهى الرجل بالدستور وقال إن الحركة الشعبية لم تغير فيه كلمة واحدة والحريات التي وردت فيه مستمدة من دستور 1998 وأشار إلى أن الحديث بلغة الإرهاب حيث حملت كلمة عثمان كثيراً من الترهيب كلام لا يسنده واقع، وقال نافع في لهجة صارمة «لا نقبل المزايدة». الأخطر في حديث نافع أنه رد على الهتافات بأن قال الحمد الله أن الإنقاذ منذ تفجرها ليس فيها ولاء لشخص ولن تتحول الولاءات في المؤتمر الوطني من المؤسسات إلى الأفراد والمؤسسية واقع والسيادة من بعد الله للشعب. ومع تلك المحاضرة الرفيعة لنافع وبعد انتهاء الحفل قبّل أكثر من ستة أشخاص يد نجل الميرغني وهو في طريقة لمغادرة القاعة وربما كان جعفر الصادق منتشياً بذلك إذ كان يمد يده قليلاً إلى الأمام أو على الأقل لم يفكر في سحبها. حوار الطرفين.. «القصة مطبوخة من بدري» عدا «تخريمة» عثمان عمر الشريف التي من المحتمل أن تكون في إطار تبادل الأدوار إذ تحدث زميله أحمد سعد عمر حديثاً اتسم بالوسطية إن لم يكن أقرب لنهج المؤتمر الوطني بينما فضّل نجل الميرغني متابعة الحفل رغم أن مقدم البرنامج البروفيسور غندور أعلن بدءً تقديم البروفيسور إبراهيم أحمد عمر ممثلاً لحزبه وأحمد سعد عن الاتحادي اللذان وقعا إنابة عن الحزبين يعقبهما كلمتان لمساعدي الرئيس د. نافع وجعفر الصادق.. وكان إبراهيم أحمد عمر بدأ كلمته بالإشارة إلى أنه سيتحدث باسم المؤتمر الوطني والاتحادي الأصل، وقال إن الذي بيننا أقوى من أن تفرّق بينه الحزبية بينما رد أحمد سعد التحية بأحسن منها عندما قال :« نشكر غندور الناطق باسم الحزبين» على كلٍّ، المهم في الاتفاق بحسب نافع أنه توطين للشريعة وزيادة لأسلمة المجتمع لصد هجمة العلمانيين أو هكذا يتمنى الطرفان أن يكون.