وتعجبني الإنقاذ أداءً وممارسة.. كل عشرة أعوام مرة.. وذلك يعني الإنقاذ قد أعجبتني و «سرّت بالي» في خلال عمرها الذي طال واستطال وتمدد.. عرفنا له أولاً ولا نعرف له آخراً أعجبتني طيلة حياتها مرتين فقط لا غير.. أما أحاديث سدنتها فلم تعجبنِ.. يوماً ولا لحظة.. ولا حتى لمحة.. إلا قبل أيام مضت.. والبروف إبراهيم أحمد عمر.. وفي لحظة صدق مع النفس.. أو لحظة «زهجة» أو عاصفة غضب قد قال ما أطربني وأبهجني.. حتى ظللت أردده المرّة تلو المرات.. وكأني أترنم.. بالبدائع والروائع.. التي يشدو بها وردي أو عثمان حسين.. قال البروف مشكوراً وفي حشد من الأنصار والموالين من الأحبة في المؤتمر الوطني.. قال وهو يتحدّث عن «الإنقاذ».. قال إننا وطيلة عمر الإنقاذ قد «جطنا» البلد.. واليوم أحبتي.. أُريد أن «أجوط» عمودي.. عمود شمس المشارق.. والجوطة هنا هي متفرقات وألوان متداخلة..وقطع متناثرة.. لا رابط بينها غير هذه المساحة المُحدّدة.. هي فقرات من كلمات.. و «شوية» من أسئلة.. وكمية من «دهشة» وقليل من عجب.. نبدأ الفصل الأول من الكتاب.. بل نبدأ بالمقدمة.. ولأنها مقدمة.. يجب تأدباً وتوقيراً وبروتوكولاً أن نتحدث إلى السيد النائب الأول لرئيس الجمهورية شيخنا الأستاذ علي عثمان وله نقول.. أبهجنا حد الطرب.. حديثك عن الفساد والعزم على التصدي له.. والطرب يأتي منغماً.. سعيداً.. ومبهجاً.. لأنه يعني أن هناك فساداً.. فاحت روائحه حتى تسللت حوائط القصر المنيعة.. ونوافذه المحكمة الإغلاق.. الصقيلة بالزجاج.. وهذا رد اعتبار لأقلام ما كتبت عن الفساد حتى تصدى لها صقور الإنقاذ.. سباً وشتماً وتهماً أدناها.. إنما هي تصدر من معارضين أو مخذلين.. أوعملاء وخونة ومارقين.. كنّا عندها نلوك الصمت والصبر والمر.. ولست أدري ماذا يقول أولئك الآن.. وما زال زورقنا يبحر ميمماً شاطيء الأستاذ طه وله أيضاً نقول.. ولماذا لا نقتل الذبابة حتى بالصواريخ.. إن فساد «جنيه» يستوي تماماً عند مالك الملك.. حتى كل الموجود بخزانة أموال المسلمين.. ولماذا الرأفة والتبسيط والتهوين..؟؟ وأموال المسلمين خط أحمر عند كل من تصدى لأمر المسلمين.. هذا أولاً.. ثانياً نأمل ونتمنى ونحلم بأن تتولى أنت شخصياً ملف الفساد.. حتى تفتح الباب مشرعاً لتندفع بعدك وعبره أفواج المحاربين والمكافحين للفساد والذي هو أشد خطراً على نظامكم من أي ربيع أو شتاء عربي.. بل هو أشد خطراً على دولتكم حتى من صواريخ ومدافع الناتو.. سيدي النائب.. أنت لن تبدأ من فراغ.. ولن تترقب منتظراً ليكشف لك المقاتلون للفساد مختلف الوقائع والقضايا.. هناك تهم حاضرة.. وجاهزة.. وموثقة.. بل سمع بها حتى الذي به صمم والمراجع العام بيده الآن.. آلاف المخالفات وألوان من التعدي على المال العام.. وأمطار من استغلال أموال الدولة.. وتلال من الوقائع.. وأطنان من أوراق الإدانة.. أبدأ الآن.. حتى يعرف كل فاسد أنه في مرمى نيران المحاسبة والمساءلة. سيدي النائب.. هذا الذي أبهجنا.. في تصريحاتك عن الفساد.. أما الذي أحبطنا.. واغتال الابتسامة في وجوهنا فهو مطالبتك بأن تنهض الاتهامات بالفساد على سيقان أدلة.. ولك نقول.. ومن أين لنا بالأدلة.. وهل نحن حكومة.. أو بوليس أو متحرّون.. وهل يترك لنا أي «حرامي» دليلاً واحداً «لنقبضه» بالثابتة.. إنهم سيدي يفعلون كل ذلك في حلوكة الظلام وتحت أستار وستائر الليل البهيم ثم لا يتركون من خلفهم أثراً أو أداة جريمة.. أو بصمات مجرم.. إننا سيدي نعرف بل نكاد نقسم بأن فلاناً مثلاً أفسد واغتنى ولكن لا نملك دليلاً واحداً على حصوله على كل ذاك الترف كان عبر الفساد.. في هذه الحالة لو أبلغنا عنه وبدون أدلة دامغة نُتّهم حينها بالقذف وإشانة السمعة و«نبقى» في محاكم رد شرف و «جرجرة».. والأمثلة لدي أنا شخصياً أكثر عدداً من صفق لبخ شارع النيل.. والأحد إن شاء الله أورد لك مثالاً واحداً منها وبكره.. ونواصل..