رسم الأستاذ والصديق فيصل محمد صالح في عموده المقروء «أفق بعيد» بالزميلة الغراء «الأخبار» صورة «قاتمة» لعملية التسجيل في الانتخابات من جنوب السودان من خلال زيارته الأخيرة لمدينة جوبا. وهي صورة تجعلنا نستعير مفردة من مفردات الشارع العادي ونقول بالبلدي إن الناس هناك قاعدين ساكت ومن زاوية أخرى «عميقة» نقل إلينا فيصل احساس المواطن الجنوبي العادي في نظرته للانتخابات بأنها أمر يهم ناس الخرطوم والشمال تحديداً ولا يهم الجنوب بشكل مباشر ولكن ماذا سيقول الأخ فيصل في هذا الحوار الذي سمعته أيام العيد بين اثنين من المواطنين في إحدى مناطق الشمال وتحديداً شمال الخرطوم قال الأول سجلت للانتخابات؟ قال الثاني: هي وينا الانتخابات دي. الأول: في مدرسة البنات الثاني: ما عارفها لكن سجل لي اسمي معاك. الأول: التسجيل لازم تجيء بنفسك الثاني: بدوني كم؟ الأول:ما بدوك شيء الثاني: يا زول بسجلوا اسمي إمكن بعدين القا ليهو بيعة!!. فماذا تقول عزيزنا فيصل في هذا «الاسكتش» الصغير الذي نقلته لك بحزافيره!! فالقصة ليست شمال أو جنوبولكنها قصة اسمها البلبلة والدربكة التي تحيط بالعملية الانتخابية كلها وهي جزء يسير من الاضطراب الذي يعاني منه المشهد السياسي برمته وهي انعكاس حقيقي لمواقف القوى السياسية «حاكمة ومعارضة» وتذبذبها وعمق الخلافات وإنعدام الحد الأدنى من الاتفاق السياسي حول مجمل القضايا الكبرى التي تحيط بالوطن!! فمثلاً أحزاب المعارضة أو «جوبا» هو الاسم الجديد لها كل يوم موقف وراي جديد فيوم هي مع التسجيل ويوم آخر ضده وهي تدور حيث تدور الحركة الشعبية والتي هي ايضاً تدور حيث يدور المجتمع الدولي والذي هو يوم مع الانتخابات ويوم ضدها!! والمؤتمر الوطني رغم إنه أفضل حالاً في ثبات موقفه واصراره على اكمال عملية الانتخابات إلا إنه ليس أحسن حالاً في كثير من المواقف والرؤى من أحزاب المعارضة. ومع ذلك فان احساسي العميق يقول لي بأن احزاب المعارضة ستأكل «نيم» ولن تتعلم من الدروس الماضية فالحركة الشعبية ستلجأ للمؤتمر الوطني وسيخاضان انتخابات معاً وستقول لتلك الأحزاب «انتهى الدرس يا......».