الناظر إلى ثيروموميتر العلاقات السودانية الأمريكية يجدها في حالة صعود وهبوط مستمرة، وأحياناً يكون في حالة (تعليق) أو إشارات إيجابية إو سلبية، وإذا كان في الأغلب مؤشره يشير إلى سالب الأشياء المتمثلة في القرارات العقابية، وعدم محو اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وإعتمادها كدولة تشكل خطراً على الأمن القومي الأمريكي. وبرغم ذلك (التعليق) في التعامل السياسي من قبل الإدارات الأمريكية المختلفة، فهي الآن تمر بمرحلة أخرى متقدمة ومتأنية بحسب التصريحات التي أطلقها مبعوث الرئيس الأمريكي (سميث)، حول استعداد الولاياتالمتحدة للمشاركة في إعمار دارفور وقول (إنه من المهم أن تكون هناك أشياء ملموسة على الأرض كثمرة لاتفاق الدوحة).. كذلك موقفها من تحالف كاودا وعدم دعمها لها في تصريح آخر، ولكن أعتبره بعض المراقبين السياسيين أنه تكتيك سياسي مرحلي من قبل الإدارة الأمريكية، فكرسيتون قال إنهم لا يدعمون حركات الربيع العربي، ولا يريدون تغيير النظام في السودان، لكنهم بحسب تحليل المراقبين السياسيين أن ذلك يعد خطوة لانتظار أن يقع خطأ من الحكومة السودانية، والإدارة الأمريكية تتصيد الأخطاء لتصدر الأوامر في الوقت المناسب، ويؤكدون أن الإدارة الأمريكية لن ترفع العقوبة عن السودان حتى تظهر معارضة قوية، وهي التي قدمت اقتراحها في ثلاثة محاور لعودة العلاقات، وهي إكمال اتفاقية السلام الشامل، وحل قضية دارفور، وعدم إيواء الحركات الإرهابية، والمدهش أن هذه المحاور الثلاثة قد تمت بنسبة عالية جداً في التغيير، ويبقى السؤال لماذا تظل السياسة الأمريكية تجاه السودان معلقة في نقطة الشك والتربص والاحتراز!!. محلل سياسي فضل حجب اسمه قال ل(آخر لحظة).. إن الشاهد على تاريخ العلاقات السودانية الأمريكية يرى بوضوح تذبذبها، منذ أن بدأت أمريكا تهتم بأمر السودان، ففي عهد عبود كانت العلاقة اقتصادية، اشتهرت بالمعونة الأمريكية، وذلك في إطار الحرب الباردة حتى لا يصل النفوذ الشيوعي إلى السودان بعد أن حدثت انقلابات سياد برى في الصومال، وحسين هبري في تشاد، انسحاب البرتغال من انغولا، وانقلاب النميري، ودخول الحركات اليسارية في أفريقيا، أقلق أمريكا، وبدأت تبحث عن موطء قدم لها فيها، فكان السودان القطر الممتد صاحب الإمكانات الهائلة، فأصبح السودان جزءاً من الاستراتيجية العالمية للولايات المتحدة. ومنذ الثمانينات تأرجحت هذه العلاقة إبان حكومة المهدي، وازدادت حدتها في فترة الإنقاذ والتي جاءت في وقت إنهيار المعسكر الشرقي، وصعود الحركات الإسلامية السياسي، وبدأت تظهر مخاوف الولاياتالمتحدة بتهديد مصالحها من التيارات الإسلامية، الممتدة وزادت من سياستها بعد أحداث 11 سبتمبر ووضعت السودان في عين عاصفتها!!. لذلك تبدو هذه العلاقة منذ حينها في شكلها المعلق، والمتصاعد حيناً والمتوازي حيناً آخر، رغم ما قدمته حكومة السودان من كثير من الإنجازات على المستوى السياسي، لكن تظل الولاياتالمتحدة تمارس ذات العصا الواقفة، بدون جزرة أو طاولة مستديرة لحسم نقاط الخلاف.. فقط تكتفي بالتصريحات والقرارات في تكتيك مستمر!!.