في مقال سابق بعنوان.. الشرطة عطاء متجدد وممتد، تحدثت عن التطور العالمي الذي تشهده الجريمة، والجهود التي تبذلها وزارة الداخلية، والنجاحات المتميزة التي تحققها في مجال عملها ومهامها واختصاصاتها.. وحين يكون الحديث عن قوات الشرطة أو دورها نقرن القول بالعمل، عبر منظومة العمل الأمني الإعلامي المشترك، والعلاقة الحميمة التي تربط وسائل الإعلام بالشرطة والأجهزة الأمنية كافة.. لأن العلاقة بين الطرفين قائمة ومتطورة، بحكم الرسالة المشتركة في خدمة الشعب، وهو ما يتطلب الحرص على سلامة هذه العلاقة وتعزيزها، لأن لكلاهما دوراً بارزاً ومهماً في العملية الأمنية، والتنمية الشاملة، وقبلها سلامة الإنسان وأمنه، ومتطلبات استقراره وازدهاره.. والإعلام كما هو معلوم هو كافة أوجه النشاط الاتصالي التي تهدف إلى تزويد الجمهور بالحقائق والأخبار والمعلومات بدقةودون تحريف أو إثارة، وسرد ما يتم الحصول عليه من تفاصيل بصورة موضوعية، تعميماً للفائدة وكمشاركة إعلامية في غرس المفاهيم الأمنية، وتنمية الحس الأمني لدى الجمهور، (وهذا ما يجب أن يكون .. ولكن؟؟) وكلمة ولكن هذه هي الدافع لي للتحدث حول هذا الموضوع المهم في ظل الانتشار الصحفي المعتمد على أخبار الجريمة، لأن الطرح الموضوعي والنشر الواعي لاخبار الجريمة، سيدعم بدون شك الجهود الرامية إلى تنمية الحس الأمني والوقائي، واتخاذ ما يلزم من إجراءات احترازية ووقائية لتفادي وقوع الجريمة بمعالجة أسباب وقوعها، مما يؤدي إلى تعميق الوعي لدى أفراد المجتمع، بعيداً عن الإثارة والعناوين المثيرة، والتناول غير الموضوعي لمجرد الرغبة في الانتشار والتوزيع وجني الأرباح، آخذين في الإعتبار دور الإعلام وخطورته، بسبب قوة تأثيره على الرأي العام، وتعدد مجالاته، وقنواته ومصادره، وأطروحاته، وأهدافه، ولعل ذلك يكون دافعاً للاسهام في الحد من المخاطر المترتبة على ذلك، بطرح أخبار الجرائم بصورة موضوعية، توضح بجلاء دور المجني عليه في وقوع الجريمة، والثغرات التي أدت إلى وقوعها، والكثير من الأخطاء والسلبيات والتهاون التي تكون سبباً مباشراً لارتكاز الجريمة، أو دافعاً لضعاف النفوس لارتكاب جرائمهم.. وسنولي هذا الموضوع أهمية كبرى إن شاء الله في إطار جهدنا الوطني، والإعلامي، والأمني، والإنساني، والمهني، الرامي إلى تنمية وتعميق الوعي الأمني، والوقائي لدى جميع أفراد المجتمع، لأن رسالة الأمن وتوفير الأمان هي أمانة يتحملها الجميع، ولعل ذلك يكون دافعاً للإسهام بطريقة صحيحة وموضوعية في طرح أخبار الجرائم التي تقع بدون إثارة، وبدون تفاصيل لا مبرر لها، ولا تفيد القارئ أو المستمع أو المشاهد، حول أسلوب ارتكاب الجريمة، أو أسلوب التحضير لها، أو أدواتها، أو المواد التي استخدمت في ارتكابها، لأن ذلك بالطبع لا يفيد الجمهور بقدر ما يفيد بعض الذين لديهم استعداد لارتكاب جريمة، وتعوزهم فكرة أو أسلوب التنفيذ ومن وجهة نظري الشخصية مجرد وصول المعلومة، معلومة ارتكاب الجرم والأسباب التي أدت إلى ارتكابها، والظروف والثغرات التي استغلها المجرم أو المعتدى لتنفيذ جرمه، أو اعتدائه والأخطاء التي وقع فيها المجنى عليه، وباختصار وبموضوعية وبطريقة صحيحة توضع القارئ أو المستمع أو المشاهد في الصورة، لاتخاذ الحيطة والحذر وتفادي الأخطاء والثغرات. أقول ذلك وأنا أعي تماماً ثورة الاتصالات والمعلومات والقصف الإعلامي ليل نهار، عبر الفضائيات والإذاعات والصحف والمجلات، وما يؤكد العملية وسائل الإعلام وأهمية دورها وتعاونها مع أجهزة الأمن لغرس المفاهيم الأمنية والوقائية لدى أفراد المجتمع، من منطلق الدور المتنامي للإعلام في المجال الأمني، والتوعوي، والإرشادي، والوقائي، ودوره في بث الشعور بالأمن ومتطلبات توفيره من قبل الجمهور لتفادي الجريمة والحد منها، ومن مخاطرها، بوأد أسبابها في مهدها، وتأكيداً لذلك لابد من تعزيز العلاقة بين الأجهزة الأمنية، ووسائل الإعلام عبر اللجان الإعلامية الأمنية المشتركة، وعبر اللقاءات والاجتماعات وتفعيل أطر التعاون في جميع المناسبات الأمنية والوطنية، ومد جسور التواصل الإعلامي والأمني، وكشف الحقائق، وتزويد وسائل الإعلام بالمعلومة الصحيحة، والحرص على تنمية وتعزيز آفاق التعاون والتشاور بحكم المسؤولية المشتركة في خدمة المجتمع، وتوفير الأمن والأمان، خصوصاً وأن الموضوع لم يكن غائباً عن وزراء الداخلية العرب، ولا وزراء الإعلام بالدول العربية، وقد تأكد ذلك بالبيان بالعمل عبر الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب، واجتماعات وزراء الداخلية، واجتماعات رؤساء أو مديري إدارات الإعلام الأمني، ووسائل الإعلام، وأعمال اللجان المختلفة والتوصيات والقرارات التي تصدر عن الاجتماعات المشتركة، وهو ما يؤكد أن العلاقة بين الطرفين قائمة ومتطورة، وهو ما يتطلب بالضرورة ترجمتها لأرض الواقع عملاً واتصالاً وتفاكراً وتشاوراً، لتحقيق الرسالة الإعلامية، والرسالة الأمنية بنجاح، وآمل أن نسمع في القريب العاجل دعوة أحد الطرفين لجلسة عمل، لاستقراء الواقع المعاش لتحديد رؤى المستقبل القريب، في ظل التطور التقني والعملي، وتطور الجريمة عالمياً، ونحن جزء من العالم، نؤثر ونتأثر بما يدور فيه، والواجب الوطني يتطلب تضافر الجهود، وتطبيق معايير الجودة الشاملة في العمل الأمني، والعمل الإعلامي، وتشكيل اللجان الأمنية الإعلامية، ودعم القائم منها، بكوادر متخصصة في المجالات الإعلامية، والأمنية، والدينية، والاجتماعية، والنفسية، والقانونية، والصحية، والجهات الأخرى ذات العلاقة، لإحداث شراكة مجتمعية شرطية فعَّالة، وإحداث طفرة لعمل إعلامي أمني متميز، تقدم فيه برامج تعزز العلاقة بين الطرفين، والمؤسسات التربوية، والاجتماعية، والشبابية، والنسوية، ولا استثني من ذلك وزارات السياحة والثقافة، والشؤون الاجتماعية، الشباب والرياضة، والبيئة، والأندية الرياضية، والفنانين، ومنظمات المجتمع، لأن لكل دوره، وأهميته في نشر الثقافة الأمنية، وترسيخ مفهوم الشراكة، لتوفير المزيد من الأمن والأمان والاستقرار والازدهار.