كان الملازم حسن فرحات ضابطاً مشاغباً كثير المشاكل، وكان عنيفاً مع المتهمين، وقد شُكلت في مواجهته كثير من مجالس التحقيق، التي كان يخرج منها سالماً كما تخرج الشعرة من العجين، ولقد تكررت مشاغباته الى حد أن المرحوم الفريق علي يس- عندما كان مديراً لشرطة الخرطوم- كان يمر على مكتب المباحث ويرسل الملازم محمد الحبيب أبوسم ويقول له (كدي أمشي القسم الجنوبي شوف دفعتك ده عامل شنو الليلة)... وعندما تم تعيين السيد مهدي مصطفى الهادي محافظاً لمديرية الخرطوم، اصطف كل ضباط المديرية بحوش المديرية لتحيته والتعرف عليه، وجاء المحافظ وبصحبته الفريق علي يس، الذي كان يقوم بتقديم الضباط فرداً فرداً لسيادته.. العميد فلان.. العقيد فلان. النقيب فلان وهكذا.. وعندما جاء دور حسن فرحات قدمه للمحافظ (الملازم شكلة جاهزة)!! ومن الطرائف التي حكاها حسن فرحات أن واحداً من أفراد الشرطة بزيه الرسمي، كان قد تناول الخمر بالعشش وقادته سكرته الى دخول حوش المدرعات، وكان يحمل ساطوراً في يده، حيث اتكأ على حائط، وهدد بضرب كل من يقترب منه بالساطور، فاتصل الضابط النبطشي بالمديرية التي حولت البلاغ الى دائرة الاختصاص بنقطة الدرجة الثالثة، حيث انطلق النقيب محمد أبكر يانسي، والملازم حسن فرحات، ومعهم خمسة من أفراد الشرطة مسلحين ببنادق ماركة (4).. وعندما وصلوا كرّر الشرطي السكران تهديده، وكان النقيب محمد أبكر يانسي من الضباط الذين يحسنون التصرف في مثل هذه المواقف، وما كان منه إلا أن صف العساكر الخمسة في مواجهة الشرطي السكران، ونادهم (جماعة انتباه.. قيااام واقفاً)، فرفع العسكر سلاحهم في مواجهة زميلهم، ثم التفت الى الشرطي السكران، وأمره (عسكري.. انتباه) فاستجاب بعمل انتباه ثم (عسكري معتاداً مارش)، فقام بتنفيذ الأمر، وتحرك، وبعد خطوات أمره (عسكري.. قف)، فوقف وبعدها أمره بقوله (عسكري أرضاً ساطور)، وصدق حدث النقيب يانسي، إذ انحنى العسكري للأمام، ووضع الساطور على الأرض، وجرى أحد العسكر والتقط الساطور، والقى القبض عليه.. عجيبة عسكري سكران ومنضبط!! عندما كنا طلاباً بكلية الشرطة كان الطالب حسن فرحات يعد من الطلاب المرتاحين، حيث كانت تقله العربة المرسيدس خاصة شقيقه العقيد فرحات قائد الحرس الجمهوري وقتها، من والى الكلية، وفي الأسبوع الماضي التقى أبناء الدفعة (35) في لقائهم الشهري، والذي كان بنادي الزوارق، حيث تداعت الذكريات الطريفة عن أيام الكلية، وقال المقدم محمد الحبيب أبوسم لحسن فرحات.. (تعرف يا حسن نحن في الكلية كنا بنتفرج فيك لما ايجيبوك بالمرسيدس) فقال الفريق بحر لأبوسم: (انتو كنتو بتتفرجوا فيه لاكين نحن كنا بنشمو، لأنه بجي متريح) فضحك فرحات وقال لهم (زمان كنت بجي بالمرسيدس هسي بقيت أركب الركشات، فقال له بحر قلبت يا عبد!! ومن طرائف العميد عمر جميل إنه عندما كان مديراً لشرطة النيل الأزرق، خرج في زيارة تفقدية، مر فيها على سنجة في طريقه لسنار، وكان المقدم رئيس قسم سنجة في مأمورية، وقد خلفه ضابط برتبة نقيب، والذي فوجئ بحضور السيد المدير، الذي قضى بقية اليوم معه بالميز، ولم يكن هناك من طعام سوى بقية من حلة طبخوها في اليوم، فأرسل النقيب (باتمان) الميز وأحضر طحنية، وكان العميد عمر جميل معروف بالنكتة حيث قال لضباط سنار (معقول أنا عمر جميل يغدوني بطحنية في سنجة!!)، وقام ضباط سنار باخطار نقيب سنجة بما قاله المدير، وعند مرور العميد عمر جميل بسنجة، كان النقيب قد استعد هذه المرة بتجهيز خروف لذبحه على شرف السيد المدير، إلا أن العميد عمر كان على عجلة من أمره، وكان يريد المبيت بالدمازين، فقال له النقيب (خلاص تشيلوا الخروف ده معاكم، ورفع الخروف في عربة السيد المدير وبعد حوالي الساعة في الطريق مات الخروف)! للتعلمجية بالكلية دائماً طرائف مع الأرقام، وللمرحوم المقدم تاج السر الباترا طرائف عدة مع الكسر ثلث، وذات يوم جمع الطلاب للقيام بحصة (الطُلبة)، وهي حصة نظافة الكلية من الأساخ، وقال لهم (الثلث الأول عليهم منطقة الاصطبلات.. والثلث الثاني عليهم منطقة العنابر، والثلث الثالث عليهم منطقة المكاتب.. أما الثلث الرابع فعليهم الجنينة!! ومن وصايا الباترا لنا ونحن على وشك التخرج قوله (لما تبقوا ظباط إياكم والزنا لأنه الزاني يزني به ولو قعر حيطة)، ومن وصاياه أيضاً (إذا ظلمتم) بين الناس فاعدلوا!! وكذلك كان الصول حميدان واحداً من عظماء تعلمجية الميدان، وكان اسطورة بالكلية الحربية، وكان شبيه الباترا في القوات المسلحة، وللحقيقة والتاريخ فقد كانا يتمتعان بشخصيتين قويتين، ودراية تامة بدرجة امتياز في تدريب الطلاب، وقد استفدنا منهما كثيراً في تكوين وتشكيل شخصياتنا العسكرية، وكان الصول حميدان قد تم الحاقه بكلية الشرطة بعد انتهاء خدمته بالكلية، فكان بحق إضافة قوية ورائعة لطاقم التدريب بكلية الشرطة.. ومن طرائف حميدان أنه قال للطلاب ذات مرة (قلنا تبقوا رجال وتستحملوا لكنكم طلعتوا رمم وقفناكم نص ساعة بقيتوا في حالة (يرسم) لها!! وتعلمجي آخر قال له أحد الطلاب (والله يا فندم انت مفروض يكون عندك بكلاريوس في العسكرية.. فقال له التعلمجي والله نحن الانجليزي ما بنعرفوا لكن الكلام الشين من ضهر يدنا بنشموا)!!. كان الرائد محمد الحسن قرافي من أميز الضباط الذين تدرجوا من الصف، وكانت تعليقاته لا تخلو من الفكاهة والطرافة، وذات يوم ذهب مع بعض الضباط في معية اللواء عمر جعفر مدير شرطة الجزيرة وقتها، للقيام بواجب عزاء، وعندما قام أصحاب العزاء بتقديم الضيافة من شاي وقهوة، تم توجيههم بواسطة أحد الضباط ليبدأوا بالسيد المدير، فاذا قَبِل المدير الضيافة يمكن لبقية الضباط أن يتبعوه، فإن اعتذر فذلك يعني انهم سيغادرون في وقت قصير فيعتذرون بدورهم عن الضيافة، وكان أن اعتذر اللواء عمر جعفر بانه صائم، إلا أن الرائد قرافي كان سارحاً وأخذ كوباً من الشاي، وبدأ في الرشف منه، وعندها قال اللواء عمر (الفاتحة) إيذانا بالرحيل، وعندها انتبه قرافي وسأل من بجواره (الحاصل شنو)؟ فقال له (المدير صائم)، فوضع قرافي كباية الشاي على التربيزة وفرك يديه (كان كدي كلنا صايمين)!!