قبل الدخول في سرد «من طرائف الشرطة» هذا الأسبوع أرجو أن ألفت الانتباه الى أن اثنين من كتاب الأعمدة الراقية ب«آخر لحظة» قد أوردا اسمي من قبل مسبوقاً في الأول بحرف «الدال» بما يعني (دكتور عثمان حسين داؤود)، وفي الثاني مسبوقاً برتبة اللواء.. وكلاهما شرف لا أدعيه- فلا أنا «دكتور» وما كنت «لواءً» والحقيقة هي اني عثمان حسين داؤود سادة بلا «رتوش» أو محسنات- لذا لزم التنويه حتى لا أرتبط بذهن من يقرأ لي بالقاب ليست من حقي. كما ذكرت من قبل أن تلاقي ضباط الشرطة في مختلف المناسبات الاجتماعية دائماً ما يكون مرتبطا بتبادل الطرائف والنكات والذكريات المضحكة، ولقد درجت معظم الدُفعات التي تخرجت في كلية الشرطة على الاجتماع شهرياً للتواصل والتوادد، بعيداً عن زخم الحياة ومشاغلها الكثيرة، وفي واحد من لقاءات ضباط الدفعة (35) حضر الأخ حسين تربال، وهو رجل مشهور بابتسامته الطفولية، وصوته الخفيض، على الرغم من طوله وعرضه (ماشاء الله عليه) وتعليقاته لا تخلو من سخرية لطيفة، وحدث في ذلك اللقاء أن حضر اخونا حسن عوض بعد طول غياب وسألناه سبب الغياب فقال: (والله ضغطي كان عالي لفترة طويلة وكمان ظهر لي سكري)، فضحك حسين تربال وقال له «يادوووبك»!! وكذلك شرف اللقاء التالي أخونا ماضي أحمد محمود بعد غياب أكثر من عام لظروف عمله بأبوظبي، وكان الملاحظ أن وزنه قد نقص كثيراً وصار نحيفاً بعض الشيء فداعبه «الكارثة» حسن فرحات بقوله «مالك يا ماضي ضعفت كده.. إنت كنت في أبوظبي ولا أبو آدم».. ومن الطرائف التي حكيت أن الأخ حيدر عبد الباقي كان ضابطاً بجوازات مدني عندما زارهم شخص كان صديقاً لواحد من الضباط، حيث قضى معهم بضعة أيام بميز الضباط، وكان ذلك الضيف من منطقة «الحرقة»، ولم يكن حيدر مستلطفاً لذلك الضيف، لأنه كان «ثقيلاً ولايوق» وبعد يومين أو ثلاثة من حضور الضيف الثقيل أقام الضباط مأدبة عشاء بالميز أمها عدد من أصدقائهم من القضاة والمحامين والأطباء، وبعض رجال الأعمال، عندها قام الضيف الثقيل- والذي كان قد جلس بجوار حيدر- بمخاطبة الموجودين وطلب أن يقوم كل واحد منهم بتعريف نفسه، ولما جاء الدور على الضيف الثقيل عرف نفسه بأنه «فلان الفلاني من الحرقة»، فما كان من حيدر أن قدم نفسه بقوله «وأنا حيدر عبد الباقي من الزعل»!! كان التعلمجي محمد سلمة عطرون واحداً من أميز معلمي الميدان بكلية الشرطة، وكان لديه العديد من الطرائف والنوادر، ومنها ما حكاه الأخ أحمد محمد توم عندما كان ضابطاً بالكلية، وكان مسؤولاً عن تمارين ضرب النار بالدروة، وفي مساء ذلك اليوم طلب التعلمجي أن يوضع سريره خلف خيمة النقيب أحمد التوم قائد تمارين ضرب النار، وبعد انتهاء التمام المسائي استدعى التعلمجي محمد سلمة واحداً من الطلاب المشاغبين الى موقعه خلف خيمة القائد، وسمعه النقيب أحمد التوم وهو يقول للطالب (الليلة دي أنت هاتقيف هنا انتباه لغاية ما تعرف واهد في اتنين يا انت كعب يا أنا شين)، وبعد مرور حوالي الساعتين سمع ود التوم الطالب يقول لمحمد سلمة- الذي كان يتظاهر بأنه نائم- «خلاص يا فندم أنا عرفت أنا كعب»، فقال له محمد سلمة، «أنا ذاتوا قلت كدا خلاس انسراف»، وانصرف الطالب وهو يلعن في سره اليوم الشبكو مع محمد سلمة، ومن طرائفه أيضاً أنه ذات يوم وبعد انتهاء طابور العصر، كان عليه أن يقود البلتون الثالث الى العنابر، وبدلاً من سلوك الطريق المسفلت من الميدان للعنابر، عرج بهم للناحية الجنوبية خلف البوفيه في الطريق المؤدي لميدان «الباسكت» وكرة القدم، حيث اوقفهم هناك وقال لهم «شوفوا يا تلبة أنا اندي ليكم كلام سر لكن مافي واهد يتلئوا وانت يا شمبول انا عارف هشمك كبير-أمسك خسمك.. أنا سمعت تحت تحت كده انو بكرة هايدوكم الختوة البتيئة»!! في مباراة كرة قدم ساخنة عصر يوم ثلاثاء بالكلية، كانت المنافسة حامية بين الفريقين، بحيث اشتبك الطالب فوزي التعايشة والطالب عبد الرحيم في عراك حامٍ «بونية ثقيلة»، وكان الضابط درار موجوداً فنادى الطالب النبطشي بعد فك الاشتباك، وقال له «أكتب عندك في الأحوال الطلبة ديل اتضاربو بونية كيفت الظابط» وفي ذات الأثناء حضر الضابط «الباترا» وسأل عن الحاصل فاختصر الضابط درار الأمر بقوله- مشيراً لعبد الرحيم بابكر «والله يا سيادتك ده مُصر وده بحاول اتخلص» ومن يومها سمي عبد الرحيم ب«المصر». د. عليش الشيخ «دكتوراة النساء والتوليد- روسيا» رجل خفيف الظل بارع في طبه، يلهج لسان أهل مدينة نيالا بالشكر والدعاء له، على نجاحاته التي أسعدت الكثيرين هناك، من خلال عمله بمستشفى الشرطة بنيالا، وحدث أن تم الحاق طبيب من الخرطوم بمستشفى الشرطة بنيالا، حيث دعاه د. عليش لتناول الشاي بمكتبه وعندها طلب الطبيب الضيف «شاي خالي سكر» فقال له د. عليش «كلامك صاح وإنت عملت بالمثل الصيني البقول «شان شان شو..شان شان زو» وكان ذلك مثلاً تم «نجره» في لحظته على عادة د. عليش في المقالب، فسأله زميله عن معنى المثل فقال له د. عليش «المثل بقول ما تخرب الشاي بالسكروما تخرب الحب بالزواج».. ومرت الأيام وانتهت فترة الالحاق وعاد طبيبنا للخرطوم، وبعد مرور عدة أشهر رن هاتف د. عليش في نيالا، وكان على الطرف الآخر الطبيب إياه، وبعد التحية والمجاملة تفاجأ رجلنا د. عليش بزميله وهو يقول.. يا دكتور عليش «أنا هسي معاي واحد صيني صاحبي، وكنت عايز أسألك عن المثل الصيني بتاع الشاي والحب عشان أقولو ليه»! جرت العادة في أوساط الشرطة وبخاصة في الأقاليم أن يقوم مدير الشرطة من حين لآخر بإعداد الولائم للضباط كتقليد اجتماعي، يقوي من العلاقات بين القادة ومرؤوسيهم، وعندما كان اللواء صديق محمد ابراهيم السناري مديراً لشرطة الجنينة طلب من حرمه «الست بدرية» أن تعد لهم وجبة فطور تليق بمقام ضباط الرئاسة، وكانت تلك المرة الأولى له بعد نقله الى هناك، فقالت له «ست بدرية» إنت عارف ناس الغرب ديل ملوك التحلية، عشان كده أنا ح أعمل «ام علي» في التحلية، وبعد أن تناول السادة الضباط وجبة الفطور الفاخرة بمباني الرئاسة، نادى اللواء السناري سائقه الخاص وقال له «امشي البيت جيب أم علي وتعال» وبعد قليل اتصلت الست بدرية باللواء السناري وقالت له «انت صحي دايرني اجيك في الرئاسة» فقال لها القال ليك منو، فقالت السواق، طيب أديني ليه ولما تحدث «السواق» في التليفون سأله السناري «أنا قلت ليك امشي البيت جيب بدرية؟» فقال له السواق ايوة يا سيادتك انت قلت لي امشي البيت بسرعة جيب «أم علي» وتعال.. نسيت أقول ليكم ولد السناري الكبير اسمه علي!!.