منذ أن سمح للأحزاب بممارسة عملها في الساحة السياسية، وهي تحاول توحيد جهودها لإسقاط النظام، عبر ما أسماه الصادق المهدي بالجهاد المدني، أو عبر الانتفاضة- كما يردد الترابي دائماً- عن طريق العمل المسلح، كما تقول الحركات المتمردة التي بدأت حركاتها. هذه التقاطعات والأختلاف في الرأي، هل ينعكس سلباً على هذه المعارضة واسقاط النظام؟ الإمام الصادق زعيم الأنصار ورئيس حزب الأمة قال في تصريحاته الأخيرة.. باستحالة عمل مشترك مع العمل المسلح، حيث قال في الليلة السياسية التي أقامها حزب الأمة بمناسبة ذكرى الاستقلال: إن تحالف قوى المعارضة والجبهة الثورية تبنى على الجهاد المدني، مشيراً الى أن الجهاد المدني هو الطريق الذي يقره حزبه، وقال لكل من يخالفه (يمشي في دربو)، وسخر من الذين زعموا قدرتهم على إسقاط النظام خلال 24 ساعة عبر الانتفاضة، ولكن هناك من قاطعه خلال تلك الندوة بهتافات تدعو الى الانتفاضة، ومواجهة النظام عبرها. يرى مراقب سياسي أكاديمي أن هناك احتمالات التقاء كثيرة لأصحاب الجهاد المدني وأصحاب الانتفاضة في تحالف موحد، إلا أنهم يتسابقون سراً نحو الحركات المسلحة، بل يطلبون منها تصعيد عملياتها العسكرية، لأن ذلك يخدم جهودها المدنية، ولكن خلال العشرين سنة الماضية، أثبت النظام أن فكره سبق المعارضة، فهو يتحرك في اللحظة المناسبة لاجهاض أي خطوة تقارب متوقعة بين فرق المعارضة، وقد استطاع الآن جذب نصف قواها السياسية والنقابية في الإدارة الأهلية.. وعلى الجانب الآخر أثبتت المعارضة أنها الأذكى في لعبة توظيف الضغوط الخارجية على النظام، لتقديم التنازلات، ولكن يظل العامل الحاسم هو تحقيق الأمن والاستقرار، وحل مشاكل الحياة اليومية للمواطن،، فإذا نجح في هذا الميدان لن تجد المعارضة وقتها أذنا مصغية، وستزداد تمزقاً وضعفاً.. يقول الأستاذ كمال عمر الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي: الجهاد المدني والانتفاضة الشعبية هما مصطلحان يحملان معنى واحداً- لفظ جهاد مدني يطلقه الصادق المهدي كاسم (دلع) للانتفاضة- تخوفاً من المؤتمر الوطني (جماعتو ديل)، وهو تيار موحد ينادي باسقاط النظام.. وأشار كمال عمر إلى هؤلاء أنهم لجأوا للعمل المسلح بعد أن أغلق النظام كل الأبواب في وجوههم.. مشيراً الى أن عملية تزاوج بين الذين يحملون السلاح والذين ينادون بالانتفاضة، هو محاولة من الحكومة تريد بها (شل) العمل المدني والانتفاضة.. وأشار الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي الى أن الذين دخلوا القصر لتغيير النظام- وهو ما صرح به الحزب الاتحادي الديمقراطي والأحزاب المشاركة في الحكومة جميعها- وقال كمال عمر إن اتفاقنا مع الحركات المسلحة في الجانب السياسي فقط، وهو إسقاط النظام وما بعد إسقاط النظام.