تعتبر الشوارع جزء أساسياً من حضارة المدن ورونقها- وتمثل الشوارع في المدن والعالم المتحضر معلماً من معالمها وقد لفتت نظري تلك الشوارع «الرهيبة» في الدنمارك عند زيارتنا وفي صوفيا عاصمة بلغاريا عندما شاركنا في مؤتمر الشباب والطلاب في تلك الأيام وهو مؤتمر شاركت فيه وفود لأكثر من مائة دولة قصد منه تمازج شباب العالم في تلك التظاهرة العالمية.. وقد رأيت في شوارع تلك الدول ما لا يتخيله العقل.. ففي شوارع كوبنهانجن عاصمة الدنمارك لا تسطيع أن تميز بين الليل والنهار بإضاءة ناصعة البياض.. أما في صوفيا عاصمة بلغاريا فهي تتميز بشوارع واسعة ناصعة الإضاءة يتم غسلها يومياً عند منتصف الليل. هذه إشارات لنماذج شوارع في بعض الدول ولكن ماذا عن شوارعنا في السودان وفي الخرطوم على وجه الخصوص؟ لقد ظلت ثقافة الاهتمام بالشوارع والطرق معدومة في بلادنا وما كانت تعتبر الطرق جزء من التنمية..علماً بأنها العماد الحقيقي للتطور. وقد تم مؤخراً الإنتباه لأهمية الطرق بالشوارع الداخلية بالمدن فشهدنا ثورة الطرق والأسفلت حيث تم ربط أجزاء السودان بشبكة.. متكاملة رغم أن بعض الطرق مازالت تعاني من مشكلات تحتاج إلى المعالجة في مجالات التوسعة والاضاءة ومثالا لذلك شارع الخرطوم مدني الذي يشهد ضغطاً مكثفاً في حركة النقل والرحيل ولكنه ظل رغم كل الانتقادات والحوادث صامداً في حاله عدا بعض الإصلاحات المحدودة. لقد حظيت عدة طرق خاصة من التي أنشأت حديثاً نظام إضاءة لافت للأنظار فقد شهد طريق شريان الشمال خاصة في أجزائه الممتدة من مروي إلى الدبة إلى دنقلا شبكة للاضاءة الحديثة من خلال الاضاءة الفوقية والاضاءات البلاطية العاكسة والمنيرة مما يساعد كثيراً في استعماله الليلي. أما في الخرطوم وهو ما نود أن نركز عليه فإن الاهتمام قد شهد كثيراً متابعة والي الخرطوم لتحسين هذه الطرق خاصة في مجال الاضاءة وقد أصبح أمر متابعة إنارة الشوارع من ضمن مهام غرفة العمليات والطوارئ والمتابعة بقيادة الرائد مزمل وبهذه المناسبة فإن هذه الغرفة مناط بها متابعة كسورات المياه وضمان سير الخدمات بمختلف وجوهها وهي معنية بكشف الأعطاب الطارئة والاتصال بالجهات المختصة للمعالجة باسرع وقت ممكن. وحسنا فعلت الولاية ممثلة في محلياتها بمتابعة وزارة التخطيط والتنمية العمرانية بإكمال شبكات إنارة الشوارع في مختلف الاتجاهات الرئيسية وآخر هذه الإنارات الملفتة ما تم لشارع المطار جنوب أو شارع أفريقيا حسب اسمه الرسمي المتجه جنوب السوق المركزي من خلال النفق الجديد الرائع إلى مناطق الأزهري والانقاذ وعد حسين وبقية الأحياء في تلك الإتجاه أن الاضاءة على جنبات النفق وامتداداً على أطراف الشارع قد اضافت لهذه المنطقة مشهداً رائعاً فكسرت ظلام السوق المركزي واختناقات مروره ولكن لست أدري السر في أن تكون الاضاءة خافته هل ذلك مرتبط بحركة الطيران والهبوط؟ ولكن أن كان كذلك فماذا عن الكشافات البيضاء التي تم تركيبها بالساحة الخضراء وهي في مسار هبوط الطائرات. على كل أياً كان نوع الإنارة بهذا الشارع الجديد ومن قبله شارع لفة جوبا الذي إكتمل فيه العمل وإكتملت إضاءته فإنها قد أصبحت الآن معالم في طريق التطور. ولكن علمت من مصادر أن بعض المحليات تتعمه أحياناً إنارة أجزاء من الشوارع وإطفاء أجزاء أخرى تقليلاً لتكلفة التشغيل وفئات العدادات ولكن أرى أن هذا المنطق غير مقبول وأن كان يشكل معضلة مالية فأرى إشراك إدارة الكهرباء في الأمر والتنسيق في ذلك.. حتى نشهد هذه الشوارع وهي تضاء يومياً في كل المساء، وما أجمل عاصمة تتلألأ أنوار شوارعها وحقيقة أن إنارة الشوارع حضارة ونضارة.