تاريخياً لا نذكر زواجاً لأحد رؤساء السودان، وهو في سدة الحكم إلا الزواج الثاني للسيد المشير عمر حسن أحمد البشير، رئيس الجمهورية، وقد كنتُ أحد الذين شهدوا مراسم عقد القران في مسجد الشهيد بالخرطوم، وقد كان الزواج مبسطاً محضوراً ومباركاً بإذن الله. فيما عدا ذلك جاء جميع رؤسائنا وهم متزوجون، وكذلك جاء نوابهم ومساعدوهم إلا قلة قليلة كان أشهرها المرحوم مبارك زروق أحد قادة الحزب الوطني الاتحادي، وخضر حمد في عهدي الديمقراطية الأولى والثانية، بينما كان الدكتور منصور خالد أحد أشهر العزّاب في العهد المايوي، إذ لم يتزوج طوال فترة الحكم المايوي وتزوج بعد ذلك بكثير.. وقد يصبح الأخ عبد الرحمن الصادق المهدي أحد أشهرالعزّاب في تاريخ السياسة والحكم بالسودان إن لم يعلن موعداً لزواجه في القريب العاجل، وأحسب أنه في الطريق إلى عش الزوجية حسبما علمت منه شخصياً قبل أيام ونحن نلبي دعوة عشاء على مائدة رجل أعمال كبير ومعروف يعتبر صديقاً للطرفين. اليوم ستشهد الخرطوم زواجاً رئاسياً فريداً وصلتنا الدعوة له، ليس سودانياً صرفاً، لكنه إنساني يستوجب أن نقف عنده، وأن نهنيء العروسين، فالعريس رجل معروف لنا في السودان، مثلما هو معروف وسط أهله وذويه وأبناء قبيلته وعشيرته الأقربين في جمهورية تشاد الشقيقة، وهو فخامة الرئيس إدريس «دبي هتنو» رئيس دولة تشاد، وشهرته - شأنه شأن الرؤساء - لا تقف عند حدود دولته فقط، بل تمتد إلى القارة وبقية قارات العالم. أما عروسته التي سيعقد قرانه عليها عصر اليوم بفندق السلام روتانا، فهي فتاة كريمة سليلة أسرة كريمة، جدها الشيخ هلال عبد الله، ووالدها الشيخ موسى هلال، وهي الدكتورة «أماني» التي تناولت الصحف في «الخرطوم» و«انجمينا» نبأ زواجها واقترانها بالرئيس إدريس ديبي، بل وتعدى الأمر الصحف إلى شبكة الانترنت العالمية وإلى عدد من الصحف العربية والعالمية. الزواج رئاسي.. وسياسي، ونسأل الله أن يجعله مدخلاً طيباً لعلاقات أقوى بين بلدينا الشقيقين، وقد رأينا رأي العين كيف أن أهل تشاد - جميعهم - يقدرون السودان والسودانيين، وقد زرت دولة تشاد أكثر من مرة.. زرتها براً وجواً، وتعرفت على أهلها وشعبها، فما وجدت - والله - فرقاً بيننا وبينهم، إذ أن العادات هي ذات العادات والتقاليد المتوارثة تكاد تكون واحدة، وأذكر أنه وفي سنوات التسعينيات الأولى كان تلفزيون السودان يعرض مسلسلاً يحمل اسم «دكين»، وكنا آنذاك ضمن فريق تلفزيوني يطوف على ولاية غرب دارفور ويقف عند المدن التشادية الحدودية، وقد لفت أنظار أعضاء الفريق متابعة التشاديين لمسلسل «دكين» إلى الدرجة التي كانت تخلو فيها الشوارع ساعة بث المسلسل. آخر زيارة لي إلى دولة تشاد الشقيقة كانت في أغسطس الماضي ضمن الوفد المرافق للسيد الرئيس عمر حسن أحمد البشير في زيارته إلى «انجمينا»، للمشاركة في حفل تنصيب الرئيس «إدريس ديبي» لولاية جديدة.. وقد أثار اهتمامي أن الوفود الرئاسية الزائرة كانت تتجه نحو أحد أفخم الفنادق ليس في «انجمينا» وحدها، بل في كل أفريقيا، يعرفونه هناك باسم (فندق ليبيا)، بينما اتجه وفد الرئيس البشير نحو قصر وسط ثكنات عسكرية غرب العاصمة «انجمينا».. وعندما توقف الوفد هناك، وجلسنا إلى السيد الرئيس البشير علمنا منه أن الرئيس «ديبي» أصر على أن يستضيف الرئيس البشير داخل منزله الخاص.. وكان ذلك. مبروك للرئيس إدريس دبي ولعروسته الدكتورة «أماني» وللأسرتين الكريمتين، ونسأل الله أن يجعله زواجاً مباركاً لا تقتصر بركته على الزوجين أو أسرتيهما فقط، بل للبلدين والشعبين الشقيقين.. آمين. .. وجمعة مباركة