قرأت في الأيام الماضية عموداً لأستاذنا الجليل المرهف الأحاسيس.. رقيق الكلمات والمعاني.. الأستاذ مؤمن الغالي.. وهو يبكي (مر) البكاء.. ويذرف الغالي من الدموع.. ويجتر كل الذكريات التي زادت أنينه.. حتى شعرت وأنا أقرأ عموده ذاك.. بتلك الغصة التي تسد الحلق قد سدت حلقه.. شفقت عليه جراء هذا البكاء وتلك الدموع.. فدموع الرجال غالية. كان أستاذنا الجليل مؤمن الغالي يبكي بكاءه ذلك على انفصال الجنوب الذي كنا نسميه سابقاً جنوبنا الحبيب.. أستاذي مؤمن أنا لن أبكي معك فقط.. بل أختلف معك في الرأي.. فالجنوبيون هم الذين سعوا للانفصال وصوتوا له.. لا تقل لي إن الذين سعوا للانفصال هم القيادات منهم.. وإن الشعب لا ذنب له.. فهم أيضاً لهم دور في ذلك.. لن أنسى أستاذي ليلة (الاثنين الأسود).. وما فعله الجنوبيون بأبناء الشمال جراء مقتل (جونق قرنق).. فهم حين يغضبون لا يرون أمامهم شيئاً سوى الانتقام.. لن أبكي معك أستاذي واذرف دموعي على شعب أذى شعبي.. لن أبكي على قيادات تحقد علينا.. لن أبكي معك ولن أساندك الرأي. يقال إن (الإنقاذ) هي السبب الرئيسي في الانفصال.. وأنا أرى بأنها قد أسرفت في (تدليلهم) حتى تفرعنوا علينا.. وأنا لا أدافع بكلامي هذا عن (الإنقاذ).. لكن الحق يقال.. استميحك عذراً وأطلب منك أن لا تذرف دموعك الغالية عليهم.. فأولاد موطنك أحق بتلك الدموع.. شعبنا يعاني الجوع ورغم ذلك كان يقسم (اللقمة) مع الجنوبيين.. كان يعاني تدهور (الصحة والتعليم).. رغم ذلك لم يظهر العداء للإخوة الجنوبيين.. الشعب السوداني شعب صبور مكابد.. وقد يكون كثيرون ذرفوا معك الدموع من أجل (العُشْرَة).. ولكن يجب أن تكفكف دموعك الغالية أستاذي مؤمن.. كفاك بكاء ونواحاً على شعب اختار البعد عنا وذهب إلى موطنه الجديد.. سواء بإرادته أو غيرها.. علينا أن نبكي شعبنا الذي يعاني غلاء المعيشة وقلة الأجور!!