* لو أسالت الغازات الطَّيارة.. والموجودة في البصل مثلاً.. دموع الرجال أو النساء على الحد السواء.. لا غرابة.. ولو بكى الانسان من شدة الحزن أو الفرح فتلك مشاعر إنسانية مطلوبة في أحايين كثيرة.. لكن دموع الرجال غالية وعصيَّة فأكثر من يبكي هنَّ النساء . وعندما استشهد سيد الشهداء حمزة اختلف الرواة في الأبيات المشهوره في رثائه أهي لحسَّان بن ثابت.. أم لعبدالله بن رواحه.. أم لكعب بن مالك بكت عيني وحقَّ لها بكاها وما يُغني البكاء ولا العويلُ على أسد الأِلهِ غداة قالوا : أحمزة ذاكُمُ الرجلُ القتيلُ أصيب المسلمون به جميعاً هُناك وقد أُصيب به الرسولُ أبا يَعْلَى لك الأركانُ هُدَّت وأنت الماجدُ البرُ الوَصُولُ عليك سلام ربِّك في جنانٍ مُخَالِطُها نعيمٌ لا يزولُ ويقول النُحاةُ إن البكا والبكاء يُقصر ويُمد.. فإذا مددتَ أردتَ الصوت الذي يكون مع البكاء.. وإذا قَصَرتَ أردت الدموع وخروجها.. آه قالت الخنساء في البكاء الممدود تَرْثي أخاها : دَفعتُ بك الخطوبَ وأنت حيٌّ فمن ذا يدفَعُ الخطبَ الجليلا ؟ إذا قَبُحَ البكاءُ على قتيلٍ رأيت بُكاءَكَ الحسَنَ الجميلا ونحن في بلادنا نكسر ونقصر ولا نمد فنقول «البِكا» ونقصد بذلك المأتم فنسمِّيه «بيت البِكا» وقد حدثنا سعادة اللواء محي الدين محمد علي كثيراً عن «الضحك في بيت البِكا» وهو حديث ممتع ومفيد مثله مثل البكاء فهو مفيد لصحة البدن والعينين.. كما إنه مفيد للقلب الذي يخشع فيرسل الدموع وطوبى لعين بكت من خشية الله وفي الحديث «إن لم تبكوا فتباكوا» عند تلاوة القرآن إتقاءٍ للنار وطمعاً في ما عند الله من نعيم مقيم.. أنا لست من المعجبين بالمأثور من الأقوال المنسوبه «لرابعة العدويه» التي تعبد الله حبّاً لله لا خوفاً من عذابه ولا طمعاً في جنته !! لأنني أسعى لرضاء الله ليزحزحني عن النار بعفوه ويدخلني الجنة بفضله.. ويمتعني بالنظر إلى وجهه الكريم . * والدكتور نافع علي نافع.. قيادي شرس العبارة لا يغطي وجهه بالمساحيق.. ولا يفضل في حديثه الكلام الرقيق.. لكنه يفرِّق بين العدو والصديق.. ويتكلَّف بمؤونة الطريق..وهذا قدره في هذا الظرف الدقيق.. فلو قيل لك إن «النجيلة قامت في الظلط» فذلك أمرٌ قابلٌ للتصديق مقابل أن تذرف عيون نافع الدموع أو أن يجهش بالبكاء على أعواد المنابر التي ترتج تحت وطأة كلامه الحادق الحارق.. لكنه بكى وأبكى وهو يذكر مجاهدات المجاهدين.. واستشهاد الخيِّرين.. ونصر الله للمؤمنين عند مخاطبته للمواطنين في ود بنده التي شهدت كسر العمود الفقري لمتمردي العدل والمساواة «طق» بقتل د . خليل فأصبحت قوات المتمردين «مُقشاشة بلا حبل» وبكى الأستاذ موسى محمد أحمد مساعد رئيس الجمهوريه وهو يذكّر أهلنا في الشرق بنعمة السلام التي سالت دونها دماء الشهداء.. ليشكروا لله أن أنعم على الشرق بالسلام ويعضوا عليه بالنواجذ.. وبكى البروفسير إبراهيم غندور والسودان يقترب من الأنفصال قُبيل الأستفتاء.. وبكى المرحوم د. مجذوب الخليفه وهو يخاطب حفل وداعه لمنصبه والياً لولاية الخرطوم.. وبكى د. عوض أحمد الجاز وهو يطلب العفو ممَّن عمل تحت قيادته في ملحمة استخراج البترول ومد خطوط الأنابيب حتى ميناء التصدير و اعتذر لهم عن المتاعب والمصاعب التي إضطرهم إليها وحملهم عليها بمتابعته اللصيقة «وقطعياته» الدقيقة حتى أنجزوا مالا يمكن إنجازه إلا بتلك الطريقة . * وبكى محمد سالم باسندوه وهو يطلب من أعضاء البرلمان تمرير قانون الحصانة لخصمه اللدود علي عبدالله صالح حتى ينعم اليمن بالسلام . وهو «لو مضغ كبدته بطنه ما تبرد عليه».. وبكيت على استشهاد أسامه بن لادن حتى تقرَّحت مقلتاي.. وكم في زماننا من المبكيات كما إن فيه ضحكٌ كالبكا . فشرُ البلية ما يضحك . «وكم ذا بمصر من المضحكات ولكنه ضحك كالبكا» وأنا أستبشر خيراً كلما رأيت مثل هذه المشاعر الأنسانية وأحمد الله ان في قياداتنا هذه الدموع الصادقه علَّها تلَّيِّن المواقع والمواقف.. وتليين المواقع عند العسكريين هو القصف التمهيدي لخفض رأس العدو وتليين المواقع تمهيداً لاقتحامها وهو عكس المطلوب من السياسيين وإن تشابهت الخطط «والتكتيكات» فالحرب العسكرية هي تدمير قوة العدو المادية والمعنوية.. والحرب السياسية هي كسب ود الخصم أو تحييده لتتمكن من تنفيذ برامجك الهادفة لبناء الأمن والاستقرار والتنمية ومن ثم الرَّفاه.. نسأل الله أن يلين القلوب بالخشوع والعيون بالدموع والبطون بالأطعام من الجوع . والبيبكي نافع شي مَا هيَّن . وهذا هو المفروض