يقولون لكل جواب عنوان ولك فاشر سلطان، يحدثنا التاريخ عن السلطان عبد الرحمن بن محمد الفضل المشهور بالرشيد، ففي أواخر القرن الثامن عشر الميلادي أختار لنفسه فاشراً جديداً أو مقراً للسلطان بجوار الوادي المعروف وبالقرب من الرهد الكبير تندلتي، وذلك بديلاً عن العاصمة القديمة كوبي والتي اشتهرت بتجارتها مع غرب وشمال ووسط أفريقيا، وبعد انتقال السلطان إلى المقر الجديد من شمال أفريقيا وغربها ومن وسط وشمال السودان ومن جنوب مصر قصدها أهل العلم والتجارة والسياسة كل وجد ضالته في مدينة مزجت بين سحر المدن وعبق الريف، تأسرك بجمالها الحسي والمعنوي مع طيبة أهلها وسجيتهم وطقوسهم فهم خليط من السناهير والسننانير والهوارة وأولاد الريف والشناقيط والكنيين والدادنقا والجعليين والشايقية واليمن والمحس والدناقلة والجوامعة وبقية قبائل دارفور الأصليين، إنصهروا جميعاً في هذه المدينة فأخرجوا لنا إنسان الفاشر المتفرد في كل شيء، فهم سلالة من خليط، آسف أنا (الفاشر ما قدر خشمي)، كما يقول أهلها كان أجدر أن يحدثكم عنها الأستاذ الكبير جبريل عبد الله أستاذ الأجيال أو ابنها الشاعر الفذ عالم عباس محمد نور رئيس إتحاد الكتاب السودانيين وهو تحت حرازة في حجر قدو أو شيخ الروائيين السودانيين الأستاذ إبراهيم إسحق إبراهيم يحكي كل القصة وهو في سوق أم دفسو وآخرون كثر هم خير من يحدثوكم عنها، أما نحن أبناء القيزان فما نقوم به فهو من باب العشق للفاشر، كان جدي الفكي آدم المشهور ب (تكي تكي) في ودعة رحمه الله، خارق الذكاء كان لا يقارن الفاشر بأي مدينة في العالم وله اعتقاد راسخ بأن الفاشر أكبر من لندن ولا يقبل في ذلك أي مساومة وأشك أنه رأى الفاشر ولكن سمعتها طبقت الآفاق وما بين الفاشر والتاريخ حديث يطول وهذا ليس موضوع حديثنا اليوم. الذي يهمنا اليوم هو ما ينتظرها في مقبلات الأيام، فهي تستعد لاستقبال فعاليات الدورة المدرسية القومية لتضيف إلى تاريخها التليد تاريخاً جديداً، ففي أواخر السبعينيات من القرن الماضي حينما كنا طلاباً بمدرسة الفاشر الثانوية وما أدراك ما الثانوية(حاجة قوية) كما كان يهتف الطلاب في الدورات المدرسية، أشتركت ولأول مرة في منشطي الكرة الطائرة وتنس الطاولة، بذينا أقراننا من مدارس جنوب دارفور وتأهلنا للمشاركة القومية بالخرطوم، كان حدثاً كبيراً وكان ذلك أول عهدي بها فشكراً للدورة المدرسية، فبسببها ركبت القطار لأول مرة قطار الغرب، الذي يتلوي كالثعبان ليشق ولايات الغرب والجزيرة وسنار وصولاً إلى الخرطوم، نتمنى أن نرى قطاراً يشق السودان من الجنينة إلى بورتسودان ومن نمولي إلى أسوان وحينها لا يهم كثيراً صوت الناس للوحدة أو الانفصال، حينها لم يكتب الشاعر قصيدته: عفواً أجدادي شعراء الشعب دعوني أسمعكم شجوي شجوي أدعوه قطار الغرب كل الأشياء لها ألوان القبر الصبر الصبر الصبر كلا كلا لم يكن كذلك، فالأسفار وفوائدها المذكورة كأنها لا تحقق إلا بسفر القطار فشكراً للقطار وللدورة المدرسية فبسببهما رأيت جامعة الخرطوم، حيث كانت إقامتنا بمدرسة الخرطوم التجارية القريبة من داخلية (البركس)، ولا أذيع سراً إن قلت إن رؤيتي لجامعة الخرطوم ولطلابها في تلك الرحلة كان دافعي القوي للدخول اليها وقد كان، هذا في سابق الأزمان واليوم فاشر السلطان تستعد لاستقبال طلاب السودان وقد أعدت العدة هذا ما علمناه في تلك الليلة العجيبة حين جمعنا الرجل بطريقة ذكية في قاعة الصداقة ليقول لنا إن أهل السودان سوف يحلون عليكم ضيوفاً بفاشر السلطان وإنتم أهل الضيفان، فماذا أنتم فاعلون، وأزال عننا الهم عندما قال نحن جاهزون فهل أنتم جاهزون في تلك الليلة، كان الحضور أنيقاً والحديث عذباً، شنف الآذان بسحر البيان وبليغ الكلام وعامي دارفور الحنين، وبلا شك كان رائعاً كعادته الرجل السلطان كما يحلو لقائد الأمة المشير البشير أن يسميه، فبفضل الرجل تم اختيار الفاشر لهذه الدورة ولا ينسى الجميع ذلك الحضور الكبير من أهل شمال دارفور وهو على رأسهم في احتفالات الدورة المدرسية الأخيرة بدنقلا بالولاية الشمالية، فهو علم أشتهر بمواقفه ووقفاته تختلف معه هذا أمر يخصك، ولكنه لا يخاصمك، فاشري السجايا، دارفوري الطباع، له مع أهل السياسة حديث ومع أهل الثقافة والرياضة حضور. أحزن كثيراً عندما أرى بعض إخواننا الأعزاء يتناولونه في الصحف على غير عادة أهلنا في شمال دارفور أهل الرأي والحكمة، يقدمون النصح للحاكم ولكن على طريقتهم الخاصة، فله التحية ولأهل الفاشر الكرام فائق الاحترام ويبقى كبر كبيراً مثل الفاشر. فاشرنا يا بلداً كبير اسمك مسطر في الضمير ما بين ربوع والبحير تاه الهوى ضل المصير