.. لن أخفي أنني زعلت جداً عندما ظهر التشكيل الوزاري الأخير وأُبعد من خلاله الوزير الأستاذ كمال عبد اللطيف عن وزارة الموارد البشرية، وسبب زعلي أنني شعرت أن الرجل قطع عليه الطريق الذي بدأه بحراك فاعل ومهم ومؤثر في الوزارة، التي هي مؤكد الأهم باعتبار أنها معنية بالمورد البشري الذي هو أغلى ثروة، وأفضل ادخار، وأضمن عملة صعبة، وقلت في نفسي يا أخوانا ماتخلو الرجل يواصل في ما بدأه من عمل، وامنحوا المعادن لاي شخص آخر، خاصة وأن وزارة المعادن- على حد معلوماتي- لا تماثل وزارة النفط أو الزراعة أو الثروة الحيوانية من حيث قيمة حاصل ما تدخله للخزينة! لكنني أمس وأنا استمع لخطاب السيد الرئيس عمر البشير عن تعدين الذهب، وكيف أنه الهبة التي عوضنا بها المولى عز وجل بعد أن «سُرقنا» نفطنا الذي دفع كل الشعب السوداني ضريبته تقشفاً وتحملاً لواقع اقتصادي صعب، وفي النهاية طلعنا من مولده بدون حمص! لعل حديث الأخ الرئيس عن قيمة ما دخل للخزانة من التعدين العشوائي للذهب، جعلني أدرك تماماً لماذا وضع كمال عبد اللطيف على رأس هذه الوزارة المهمة، والرجل عرفناه، ما وضع يده على إناء فارغ إلا ملأه بدهب الإنجاز والإعجاز والعمل، فكيف له ويده الآن على فوهة منجم الذهب نفسه، لذا اعتقد أنه على الأستاذ كمال عبد اللطيف يقع عبء لعب دور تاريخي مهم في أن يجعل الأرض تتكلم مش عربي- كما تقول الفنانة التونسية لطيفة- عليه أن يجعل الأرض تتكلم دهب وفضة، وأنا واثقة من أن الأرض التي يحمل جوفها الدهب، مؤكد بها الماس والأحجار الكريمة.. لكل ذلك أنا على ثقة أن وزارة المعادن آن الأوان لها أن تلعب دورها المهم في خريطة الاقتصاد السوداني، الراقد على سطح كنز من أراضٍ زراعية خصبة، ومصادر مائية عذبة، وثروة حيوانية هي الأجود والأحسن والأصح.. وفوق كل ذلك ازداد كرم المولى علينا بأن بباطن الأرض ما هو خيرٌ مثل الذي على ظهرها! فيا أخي كمال عبد اللطيف فعِّل من آليات وزارتك باتفاقيات وبروتكولات تجعل من سبائك الدهب ضفائر نجدلها مع ضفائر سنابل القمح، وعندها لن يلومنا أو يستغرب فعلنا أحد، إن زهونا بحالنا وسوداننا وغنينا مع عاصم البنا «يا تو السمح لون الدهب واللا القمح انت السمح»! كلمة عزيزة لو كنت مكان الأخ حسن فضل المولى مدير قناة النيل الأزرق لحفزت طاقم البرنامج الذي قدم سهرة من صوارده كانت بكل تأكيد هي الأجمل والأفيد بين نظيراتها من السهرات. كلمة أعز عقب خروجي مباشرة من استديو فضائية الخرطوم، بعد أن قدمت حلقة من «رفع الستار» عن غلاء المعيشة، لم يتوقف رنين هاتفي، ولا الرسائل التي كان معظمها من خارج السودان، وهذا يجعلنا نتأكد أن القناة الوليدة قد وصل بثها المدى المطلوب، وهو ما يلقي بمسئوليةكبيرة على القائمين على أمرها لإيصال رسالة إعلامية محترمة ما يطمئنني على أن الأخ عابد سيد احمد هو أول المؤمنين بها!!