كنت قد أقمت ليلة شهد الله عز وجل أنها ليلة دينية بمعنى الكلمة بدول عربية إسلامية، وقد حضرها عدد كبير جداً من الناس وشخصيات إسلامية معروفة من دول إسلامية شتى، وكانت تظهر بقوة ملامح كرمنا السوداني الذي نعتز به، ولا نرضى أبداً أن يقال إن هناك شعباً أكرم من الشعب السوداني.. ابتداءً من حفاوة الاستقبال والبشاشة والترحيب الحار، وما لذ وطاب من الأكل والشرب، وقد نحرنا لذلك عدداً كبيراً من الذبائح، وقد تبادلت وتعاقبت الفرق والجماعات في تقديم تراثها والمديح، ويسمى عندهم المالد، وقد راعينا التزامنا بالناحية القانونية من عدم ازعاج الجيران أو قفل الشوارع وما شابه ذلك. حركت علينا فتنة- والفتنة أشد من القتل- شخصية كبيرة من أعيان البلد، قد حركت الفتنة، أننا نختلف معه عقائدياً في أمور هي ليست بذات شأن، ولا تفرق بين مسلم ومسلم العالم الإسلامي قاطبة، منهم من يؤيد المديح ومنهم من ينكره.. المهم أن صاحبنا هجم علينا ومعه عدد كبير من رجال الأمن بكل أنواع الأسلحة، ولكن بفضل الله كان ذلك بعد الفراغ من صلاة العشاء جماعة، وبعد الفراغ من الأكل، وقال أريد من عمل هذه الليلة.. ولتطابق اسمينا أنا وصديقي لي وهو شيخ من شيوخ البطاحين تقدم، وقال أنا من تريد خذني لصداقتي الطويلة معهم أعرف جدياً، وأنهم فعلاً أصحاب حارة وفرسان، لا ينسوا أبداً أنهم فرسان في أصعب الظروف.. قال لي شيخ البطاحين دعني أشيله عنك يا شيخ- قال لي ذلك همساً- وتقدم من كان حاضراً من البطاحين، وكان الشر يخرج من عيونهم، وكان يمكن أن تكون «شبكة» كبيرة جداً مع البطاحين، ولكني تقدمت إلى ذلك الشخص ومعه رجال الأمن وهمست في أذنه.. عندها أخذني أنا وترك شيخ البطاحين، ولاحقاً حلف عليّ أصحابي بالله العظيم ماذا قلت له في أذنه. قلت: يا سيد هذا الرجل شيخ من شيوخ قبيلة البطاحين، فلو حاولت تستفزهم بكلام غير لائق بشيخهم سيتقدمون للموت اختياراً، والواحد منهم يكفي المية قبل أن يلحق به أذى، وهي قبيلة مقاتلة معروفة. ثم قلت أنا من نظم الحفل- (رجال فقط)- أنا شيخ مسكين أحسن تأخذني أنا وناسي المعاي لا يملكوا غير السبح.. ثم أخذني إلى مركز الشرطة طبعاً لا توجد مخالفة قانونية، ولكنه كتبني تعهد بأن السنة الجاية لازم تأخذ إذن مني وانحلت المشكلة هكذا وذهبنا جميعاً إلى منازلنا. احتج جميع أصحابي على هذا التعهد والالتزام، فقلت الشيخ فرح ود تكتوك- رحمه الله- قال في خلال سنة يا مات الملك يا مات البعير يا الفقير. تعودت في مثل هذه المواقف بالرجوع لله عز وجل والاستعانة به، طلباً للمخرج وكنت أقول «يا كافي اكفني منه كيف شئت» وأكرر ذلك في أوقات كثيرة بهمة قوية وصدق توجه فيها. كانت الأيام قليلة- أي حوالي أقل من أسبوع- فالحمد لله قد نجا الله وسلم الفقير وذهب هو إلى مصير كل ظالم. الحمد لله على هذا المخرج وإلى اللقاء في مخرج جديد.. قال تعالى: «ومن يتق الله يجعل له مخرجا» سورة الطلاق الآية «2» حاشية: اتصل بي عدد كبير جداً من القراء من مختلف بقاع سوداننا الحبيب مما يدل على حب الناس لهذه الجريدة القمة، وقد عرف البعض أنفسهم بأنهم طلاب مخارج الشريف صديق.. ووعدت أن ارد باختصار على رسائلهم.