على خلفية حديث رئيس الجمهورية أن الشريعة هي المصدر الوحيد للدستور القادم، وأن المواطنة أساس للحقوق والواجبات، وأن الكفاءة هي المعيار الأول في الخدمة المدنية.. كيف ينظُر المؤتمر الشعبي لذلك وهي نفس المضامين التي أدت إلى المفاصلة بين الوطني والشعبي؟ وكيف يمكن التفاعل معها.. وهي ذات الأفكار والرؤى للشعبي؟ هل سيستجيب لها أم لتنفيذها لابد من الاطاحة بحكومة البشير؟ ولماذا الرهان الدائم على إسقاط النظام..؟.. إجابات الدكتور بشير آدم رحمة القيادي بالشعبي اتسمت بالشفافية والوضوح حول ذلك، إلا أنه أحجم عن الرد في بعض من المحاور.. وقطع د. بشير أن ما ذكره الرئيس ليس بجديد بل هي نفس المباديء التي كانت السبب في المفاصلة، لكننا تجاوزنا الحديث ونريد عملاً.. وأضاف رحمة في حوار مطول أن ما يتردد عن قرب المسافة بينه والوطني مجرد أماني وعمل استخباراتي للتشكيك، وفيما يلي إفاداته.. ما الذي قدمه المؤتمر الشعبي للدولة بعيداً عن السلطة والحكم؟ - عملنا على إصلاح العلاقة بين الشمال والجنوب، ولازالت لدينا علاقة طيبة وعملنا على إصلاح العلاقات بين السودان ودول الجوار، وعملنا على أن لا يقوم أي عمل مسلح بالداخل لقلب نظام الحكم بل يتم بالطرق السلمية الشعبية، لذلك لم نحمل السلاح ولم نؤدي إلى فتنة، وكان بامكاننا منذ الانفصال أن نحمل السلاح ونقلب الوضع لكن كفرنا بالحكم العسكري، وقدمنا مثالاً بتحمل كل تبعات النضال الديمقراطي السلمي.. وفُصِلنا من الخدمة العامة، وحُرِمنا من الوظائف، وضُيِّق علينا في المال، وسُجنَّا وقُتِل منا البعض، لكن رغم ذلك صبرنا على مجال النضال الديمقراطي السلمي، وفي تقديري أن هذه أكبر خدمة نقدمها إلى السودان. لماذا الرهان الدائم على إسقاط النظام ومخرجات الشعبي بفكرة وأخرى حول سيناريوهات محتملة لتغيير الحكومة؟ - الإنسان الذي يخطط يرى ما الذي يمكن أن يحدث لذلك كتبنا عن محتملات ما يمكن أن يحدث في السودان بعد الانفصال وبعد الربيع العربي ونشرناه، وذكرنا بالورقة أنَّنا ضد الانقلاب، واحتمال أن يأتي حاملو السلاح وارد ، وذكرنا أن ذلك غير سليم لأنه يمكن أن يُقسِّم السودان مثل الصومال لذلك نحن ضده، واحتمال آخر بأن ينصلح النظام نفسه لكن هذا مستبعد لتجربتنا ومعرفتنا لهم بحبهم للحكم، إذاً الاحتمال الوحيد أن يثور الشعب وقد ثار في أكتوبر 64 وفي أبريل 1985 لذلك يوجد احتمال أن يثور الشعب مع وجود الثورات العربية من حولنا، وهذا هو ما ينقذ البلاد ويوحدها بثورة في كل أنحاء البلاد ليست دارفور أو الخرطوم فقط، لذلك نحن نشرنا هذه المحتملات ولكن للأسف اعتَقد المؤتمر الوطني أن هذا تخطيط لإنقلاب عسكري، وهذا يؤكد أن حزبنا يبحث في كل المحتملات وما نراه سيئاً نعطِّله بقدر الامكان، إن كان الإنقلاب سيئاً وسمعنا بخبر إنقلاب نفشله، وإن كان حمل السلاح والغزو سيئاً وسمعنا بحمله سنفشله، وإن رأينا أن الثورة الشعبية هي الخيار الأصلح لشعب السودان ندعمها ونحاول أن يأتي هذا الخيار بأسرع ما يمكن، هذا هو مجال ما يسمى بالمحتملات، ويوجد من يسمِّيها بإستراتيجيات. كيف يمكن أن يتجه السودان إلى اقتصاد قوي مستقبلاً مع فقد الجنوب أولاً.. وفقد ما يأتي من عبور البترول ثانياً؟ - أهم عنصر في الاقتصاد هو الشعب، وشعب السودان أكثر من 70% منهم يعتمدون على الزرعة والرعي، لذلك التخطيط الاقتصادي يجب أن يراعي لغالبية الشعب وكيفية الاستفادة من خبراته، وأهمل المؤتمر الوطني في ثورة البترول 1999 - 2011 ما يأتي منه، حيث أن البترول يضخ وهم (يبعذقونها) بمباني ورصف الطرق وتحويلات خارجية، والفساد الذي أكل كمية كبيرة والسمسرة. وهذا ما أنهك الاقتصاد السوداني، اقتصادنا يقوم على دعم الزراعة والاستثمار بها، والاستثمار في مجال المعادن وتشجيع الصناعة، لكن قبل كل شيء الاستثمار في الإنسان الذي يبدأ بالتعليم والصحة، وهذا لا يأتي إلا بالحريات حتى يحدث إصلاح اقتصادي. تضمن حديث السيد رئيس الجمهورية أن المواطنة هي أساس للحقوق والواجبات، وأن الكفاءة هي المعيار الأول، وأن الدستور القادم سيكون الضامن للتداول السلمي للسلطة، قبل المفاصلة دار نقاش في كل المضامين التي ذكرها الرئيس وأدت للمفاصلة.. أليست تستحق النظر إليها كحزب الايدلوجية فيه على الشريعية الإسلامية؟ - هذا ما قلناه وأدى إلى المفاصلة، المواطنة مثلاً في شمال السودان90% نسبة الإسلام فيه بعد الانفصال، هؤلاء إذا انتخبوا مسيحي أو شيوعي الخطأ يقع عليهم، لذلك نقول إن أي مواطن ومواطنة لديه الحق في الترشح كمواطن سوداني فقط، والأمة لن تجتمع على ضلالة، وأقصد هنا بالأمة ولا يحتكرونها (ناس الدقون والجلاليب القصار) بل هي أمة كل البلاد، لذلك مسألة المواطنة كانت بفكر الحركة الإسلامية والحمد لله أنهم رجعوا لها ونشكرهم على ذلك. ماذا عن الكفاءة في الخدمة المدنية؟ - طبعاً الكفاءة ليست «القبيلة والواسطة» وأذكر هنا أشخاصاً بالمساجد يتحدثون ويسألوننا لماذا تصارعون الحكومة ما أقاموا فيكم الصلاة؟ نحن نعلم أن إقامة الصلاة هي العدل «إن لم يعدل الإنسان لم يقم الصلاة» لأنها تنهي عن الفحشاء والمنكر والظلم والمنكرات والسرقة كذلك وأكل مال الناس بالحرام من المنكرات، لذلك إذا وُجِد الفساد والسرقات وغيره لم يقم صاحبها الصلاة حتَّى وإن (حجَّا) وأقام الليل، وإذا أرادت الحكومة فعلاً خروج البلاد من الأزمات عليها بالفعل لا القول. إذا اعتُبِر حديث الرئيس دعوة لكل الأحزاب.. ألا تستحق مبادرة طالما أنها تحمل أفكار ورؤى الشعبي فيما يتعلق بالحكم؟ - لم يأت السيد الرئيس بجديد فهذا فكرنا والحمد لله أنه رجع له، لكن الكفاءة لا تكون إلاَّ في ظل حريات، ومخرجنا الآن الجلوس على طاولة، ويقولون نحن في ورطة اقتصادية.. وحرب داخلية.. وحرب محتملة مع الجنوب.. وغيرها من الأزمات، ليكتشفوا أنهم وصلوا إلى طريق مسدود بعد 22 عاماً من الحكم. لتكوَّن حكومة إنتقالية تُدير البلاد لحل المشاكل والحروب الداخلية وتسوية كل الأمور مع العالم، لتأتي انتخابات نزيهة، وقوة الشعب لا تقهر (أحذروا غضبة الحليم)، هذا طبعاً في حكم يدار من أناس ليس لهم مصالح الشخصية، ويتحدثون الآن عن إقرارات للذمة.. هذا لا يحدث بعد مكوث 22 عاماً بل منذ البداية، نحن نحتاج إلى حكم راشد وإصلاح حقيقي يؤدي إلى تراضٍ، يعتمد على حكم الشعب بانتخابات حرة تُديرها حكومة انتقالية تُرضي كل الأحزاب. عفواً... ألا تستحق دعوة الرئيس مبادرة منكم... بمعنى أن الكرة الآن في ملعب المعارضة؟ - أبداً..ليست الكرة بملعبنا.. ماذا قال؟ لا جديد.. تحدث عن الدستور من الذي يضعه.؟ ومن الذي يجيزه.؟ هل يجيزه البرلمان الذي يصفق للزيادات في الميزانية، هذا ليس ببرلمان بل مؤتمر وطني، وفي هذه الحالة الدستور سيكتبه المؤتمر الوطني وسيجيزه. إذاً ماذا تريدون؟ - نريد دستور يضعه برلمان انتقالي تأسيسي منتخب، وكل ما قيل أن السلطة هنا «مشيراً إلى ما بين يديه»!! وذكر حديثاً خطيراً باحتمال نشوب حرب مع الجنوب. إذاً لتنفيذ ما لديكم يحتاج الأمر إلى الإطاحة بحكومة البشير؟ - بالتأكيد... إذا لم يتغير هذا النظام لن ينصلح أمر البلاد.