لم ألتقِ بوزير الصحة الاتحادي الجديد السيد عبد الله تية، وهذا أنني لم أره حتى الآن، وإن كنت على علاقة طيبة وصلة غير منقطعة مع وزيرة الصحة السابقة الدكتورة تابيتا بطرس، والتي سجلت لنا زيارة قبل أيام قليلة في الصحيفة.. وكذلك ربطت بيني وبين وزير الدولة السابق بالصحة البروفيسور حسن أبو عائشة علاقة طيبة، ولازالت تربط بيني وبين وكيل الوزارة الدكتور كمال عبد القادر علاقة صداقة ممتدة منذ ثمانينات القرن الماضي، وكان زميلاً لنا في صحيفة (الأيام) في ذلك الوقت، ويكتب باباً ساخراً باسم (كلامات). تساءلت بيني وبين نفسي عن أثر الوزير الجديد، الذي يمكن أن نتوقعه في وزارة مثقلة بالمشاكل - التي لا تنتهي- وبالغيوم والهموم رغم اجتهادات الطاقم الأعلى المسؤول عن العمل فيها خلال الحقبة الماضية، وظننت - وبعض الظن اثم- إن الرجل سيأتي لممارسة الحرث في بحر الأمنيات، لنصبح ونمسي و(الحال في حالو).. لكن المفاجأة كانت في لقاء السيد الوزير الجديد بالهيئة العامة للامدادات الطبية قبل يومين، لوضع استراتيجية موحدة تضمن احتياجات المؤسسات الصحية من المستلزمات الطبية، وأجهزة العمليات الجراحية، والأدوية المنقذة للحياة. في ذلك اللقاء الذي نقلته أجهزة الإعلام والصحف، أعلن السيد الوزير عن منح إدارات المستشفيات والمراكز الاتحادية كافة الصلاحيات والاستقلالية في إدارة مؤسساتها.. وهذا أمر قد نعود له لاحقاً إن شاء الله، لكن ما استوقفني، وربما استوقف كثيرين غيري، هو التزام السيد الوزير بالجلوس مع المسؤولين بوزارة المالية، لاستصدار قرارات يتم بموجبها إعفاء المستشفيات والمراكز القومية والاتحادية كافة من رسوم الكهرباء.. وهنا يأتي بيت قصيد ذلك اللقاء، الذي شكا فيه مديرو المستشفيات والمراكز الصحية، من ضعف الموارد المالية، والمديونيات ورسوم الكهرباء والمياه. حقيقة سعي (الصحة) إلى (المالية) لتحقيق هذه الغاية تؤجر عليه وتشكر، لأننا ظللنا - وظل غيرنا أيضاً- نطالب بمجانية العلاج، وإسقاط الرسوم المفروضة على المواطن من قبل بعض الجهات المتحكمة في المؤسسات الخدمية.. وإذا تمت مثل هذه الخطوة، فإننا نأمل أن تنعكس على المواطن لأننا نعلم أن رسوم الكهرباء عالية، وكذلك المياه، ونطالب بأن تمتد لتشمل كل مرافق الخدمات المتصلة بدور العلم والعبادة، لأن هذه هي مسؤولية الدولة المباشرة، ونحن نريد دولة رعاية لا دولة جباية، ونأمل أن تتحمل الولايات لا المحليات مسؤولية رسوم الخدمات، من كهرباء، ومياه، لأن بعض المحليات لا موارد لها، وقد تتجه إلى جيب المواطن لتقديم خدمة ناقصة له. نحيي وزير الصحة الجديد على هذه الخطوة العظيمة، التي إن نجح فيها سيكون له التقدير والثناء، وإن لم ينجح - وهذا وارد- فسيكون له أجر المجتهد.. ونسأل الله أن يوفقه في هذا المسعى الحميد الذي يعني إحساساً حقيقياً بالواجب والمسؤولية.