عندما انتشرت ثقافة العلاج بالخارج حتى في الأوساط المتوسطة الدخل كنت أقول إن ذلك يرجع لأسباب كثيرة أولها الخوف من عدم التشخيص السليم فنحن في السودان لا نشكو من ضعف أطبائنا أو عدم درايتهم بمهنتهم فهم أكفاء ورغم أن الخطأ وأرد في كل المجالات إلا أن خطأهم باهظ لأن ثمنه حياة إنسان أو يكون حينها ضحية لمرض قد لا يشفى منه وهذا الوتر هو الذي أنقطع.. نعم وتر التشخيص السليم وقد يكون سببه ضعف الإمكانيات وهذا ما جعل الكثيرين يختارون السفر للخارج بقمسيون أو بدونه.. وظني أنه خوف مشروع لكنه كلف السودان الكثير.. وقد أتخذت بعض الدول من السودانيين الذين يطلبون العلاج عندها غنيمة ولم يكتفوا بذلك بل عمقوا لديهم مشكلة التشخيص الخطأ.. وحتى إذا كان صحيحاً فهم في بعض الأحيان يقدمون الشرح بصورة مختلفة تجعل الكثيرين يعودون ليؤكدوا أن تشخيص مرضهم لم يكن صحيحاً.. المهم سادتي عندما ذهبت إلى ولاية البحر الأحمر وزرت مستشفى عثمان دقنة في حاضرتهابورتسودان واستمعت إلى الشرح الذي كان يقدمه المدير العام للمستشفى عواض عبد الله وكان يتحدث عن الأقسام التي تضمها المستشفى وأجهزة التشخيص الموجودة بها والطاقم الطبي المصري الذي استعاون به والعمليات التي تجري فيها .. حتى عمليات القضروف(الرقبة والضهر) وعمليات المخ والأعصاب والكلى.. قلت له بدون أن أشعر(الله لا حوجنا ليكم لكنني إذا مرضت ثانية سآتي إلى بورتسودان ولن أذهب إلى أي دولة أخرى.. فقال: إنهم يركزون على السياحة الطبيبة ويعملون لها.. و زاد د. عبد الرحمن بلال بالعيد وزير الصحة بأن ولاية الخرطوم قد طلبت منهم الاستعانة بطبيب المخ والأعصاب المصري فحقيقي لقد تفوقت كل مستشفيات البحر الأحمر التي بنيت على طراز واحد واستعانت بأطباء من جمهورية مصر العربية وسألت بالعيد لماذا استعنتم بأطباء من مصر الشقيقة والسودان ملئ بالأطباء الاختصاصين فقال بدون تردد لأن الأطباء السودانيين يرفضون العمل في الولايات بينما الاختصاصيين المصريين يبقون في المستشفى على مدار ال (24) ساعة. اقتنعت بإجابته لأنني أعلم تماماً رفض الاختصاصيين للذهاب للولايات وحسب البرتكول الموقع مع الشقيقة مصر قامت ولاية البحر الأحمر بالاستعانة بهم وقد تحدثنا معهم وكانوا سعداء بالعمل في السودان. إذن سادتي للمرة الثانية تفوقت البر الأحمر على الخرطوم.