إن التحدي الأول لكل دولة عربية واسلامية اليوم هو تبني رؤية واضحة ومتكاملة لموقعها ودورها في النسق الجهوي والدولي الجديد، الذي يشهد تغيرات عميقة وسريعة ويسعى المغرب في هذه المرحلة التاريخية الحاسمة من بين أولوياته، لانصهار في تحالف جهوي قوي ومتماسك يصوغ سياسة خارجية منسجمة ومستقلة عن مراكز التأثير، كما يستطيع أن يطلق بعض المشاريع الكبرى التي من شأنها أن تعبد الطريق أمام التكامل الاقتصادي في العالم العربي والإسلامي.. إن الاستثمار الجيد لعناصر القوة الناعمة- التي يتمتع بها المغرب- سيشكل بالتأكيد دعامة مهمة لتفعيل الدبلوماسية المغربية واشعاعها. وتعد منطقة المغرب العربي المجال الطبيعي والحضاري للمغرب وأحد أولويات سياسته الخارجية بسعيه المتواصل لبناء فضاء اقليمي متكامل ومتجانس، ويسعى المغرب وفق منظوره الاستراتيجي للعمل المغاربي، الى تعبئة الطاقات والمؤهلات الجهوية لتحقيق التكامل الاقتصادي، وضمان الأمن الجماعي للمنطقة، وتجاوز رواسب ومخلفات الماضي، ومساهمة من المغرب في توفير ظروف تفعيل العمل المغاربي المشترك كخيار استراتيجي، لتحقيق تطلعات شعوبه الخمسة للتنمية المتكاملة، والاستجابة لمتطلبات الشراكة الجهوية وعصر التكتلات الدولية، أكد إرادته الصادقة لتطبيع العلاقات المغربية الجزائرية. إن الظروف الاقتصادية والمالية التي يمر بها العالم، والمتسمة بالهزات والأزمات المالية المتتالية، تحتم على البلدان المغاربية مزيداً من تطوير العمل الجماعي المشترك، وتكثيف التشاور من أجل إيجاد سياسات متناسقة ومتكاملة، ومواصلة المساعي لتحقيق الاندماج المغاربي، لما يوفره من فرص إضافية لتحقيق الأهداف التنموية لكل بلدان المنطقة، عملاً برؤية صاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذي أكد حرصه الثابت على المضي قدماً، وبإرادة صادقة نحو إرساء مقومات نظام مغاربي جديد، منطلقة الحوار البناء والتشاور المثمر، وشدد جلالته على أن التحولات العميقة التي تشهدها المنطقة المغاربية والعربية وتطلعات شعوبها الى المزيد من الحرية والديمقراطية والكرامة والتنمية المندمجة، والتقدم المشترك والعدالة الاجتماعية، تقتضي توطيد الصرح المغاربي كأفق استراتيجي حتمي، من خلال تبني مقاربة عملية تضامنية، ووفق منظور واقعي وواضح في انسجام تام مع روح ومنطوق معاهدة مراكش التأسيسية، وتأسيساً على ذلك أكد العاهل المغربي أن المملكة المغربية التي ما فتئت تبرهن على إيمانها وتشبثها بالاتحاد المغاربي كخيار استراتيجي لامحيد عنه، لتتطلع بهذه المناسبة لاقلاع مغاربي جاد ومنتظم، انطلاقاً من روابط الأخوة المتجذرة ووحدة التاريخ والحضارة، والمصير المشترك، وتكامل المصالح الحيوية للبلدان الخمس في احترام تام لسيادتها ووحدتها الترابية، وهويتها وقيمها وثوابتها الوطنية العليا، وخلص الملك الى أنه من منطلق إيماننا الراسخ يكون الاندماج المغاربي تطلعاً شعبياً عميقاً وضرورة استراتيجية أمنية ملحة، وحتمية اقتصادية يفرضها عصر التكتلات والعولمة، فإننا نجدد لكم حرصنا على مواصلة العمل سوياً معكم ومع كافة أشقائنا قادة الدول المغاربية من أجل انبثاق نظام مغاربي جديد وازن في محيطه العربي، وفاعل في عمقه الافريقي وجواره الأورومتوسطي، وراع لمصالحنا الجماعية على المستوى الجهوي والدولي، وهناك حالياً مقاربة جديدة بين المغرب والجزائر بقيادة العاهل المغربي الملك محمد السادس، والرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة من أجل إعطاء دفعة قوية لتطوير العلاقات بين البلدين، والتأكيد على ضرورة وجود إرادة وقناعة جماعية بين دول اتحاد المغرب العربي، من أجل عقد القمة المغاربية التي ستؤسس لإقامة منطقة تجارة حرة بين دول الاتحاد كأفق استراتيجي قد يكون بعيد المدى في المستقبل، وبعد التضامن العربي والوحدة العربية من المصالح الوطنية الاستراتيجية للمملكة الغربية، وقد دافع المغرب على الدوام من موقع وزنه الروحي والسياسي عن قضايا العالم الإسلامي، وحرمة الأماكن الاسلامية المقدسة، الدفاع عن الرسالة العربية القومية والتي جوهرها بالنسبة للمغرب الدفاع عن فلسطين، وعروبة القدس، وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، والعمل على تحرير الوطن العربي من الهيمنة والنفوذ الأجنبيين، وكذلك العمل من أجل التوافق العربي سواء أخذ ذلك شكل الوحدة أو التضامن العربي أو تنقية الأجواء العربية، وإحياء العمل العربي المشترك، وقد عرفت الدبلوماسية المغربية في افريقيا تطوراً لافتاً خلال السنوات الأخيرة، وذلك في إطار إعادة رسم السياسة الافريقية للمملكة من أجل إعطاء التعاون جنوب- جنوب ببعده الإنساني والتضامني مدلوله الحقيقي القائم على تعزيز الروابط التاريخية العريقة مع القارة الافريقية، وتقوم هذه الرؤية على فلسفة تلغي المنطق الضيق للمصلحة الوطنية، وتجعل من التعاون جنوب جنوب جسراً للتضامن مع الشركاء الأفارقة، يأخذ بعين الاعتبار إضافة الى المصير المشترك التجذر التاريخي للمغرب في القارة السمراء. وفي هذا السياق قام سعد الدين العثماني بزيارة الى أسبانيا تناولت عدداً من القضايا ذات الاهتمام المشترك، حيث أكد المغرب وأسباينا حرصهما الأكيد على توطيد العلاقات الممتازة التي تجمع بين البلدين والارتقاء بها في كافة المجالات، وفي هذا الإطار وصف العثماني العلاقات التي تجمع بين البلدين بانها عميقة في التاريخ، مؤكداً أن ما يجمع بين الشعبين المغربي والأسباني أكثر بكثير من نقط الخلاف، مضيفاً أننا نؤسس اليوم لأرضية صلبة ومتينة من أجل المستقبل ولنا الإرادة الراسخة لفعل ذلك، وأوضح العثماني أن الجانبين أكدا في ما يتعلق بالمستوى السياسي عزمهما على إعطاء دينامية للتشاور السياسي.. ومن جهته أكد رئيس الدبلوماسية الأسبانية أن تكثيف العلاقات الثقافية بين المغرب وأسبانيا شكل محور المباحثات التي أجراها مع العثماني. إن التغيير الذي شهدته منطقة المغرب العربي سيؤدي الى تحريك قطار المغرب العربي، وتحقيق الاندماج المغربي، الذي سيعطي للمنطقة دفعة جديدة، ويمكنها من تحقيق تنمية مستدامة، فالاحتفال بالذكرى هذه السنة يأتي في ظروف تختلف عن السنوات الماضية، لأن هبوب رياح الربيع العربي أدى الى انهيار نظامي كل من معمر القذافي بليبيا، وزين العابدين بن علي بتونس، مما أعطى لشعبي البلدين القدرة على التعبير عن رغبتهما القوية في تحريك عجلة المغرب العربي، اتفق وزراء خارجية بلدان اتحاد المغرب العربي على مواصلة التنسيق والتشاور في جميع القضايا السياسية الراهنة، لإيجاد أرضية مشتركة في المحافل الدولية والاقليمية، وأكد بيان صدر في أعقاب الدورة ال30 لاجتماعهم الذي احتضنته مدينة الرباط على التعاون الأمني، ووضع سياسة أمنية للدول الأعضاء ويرتقب انعقاد اجتماع وزاري في هذا الشأن في أقرب وقت ممكن بالجزائر، في موعد يحدده الجانب الجزائري للاتفاق على إطار وأهداف هذا التعاون من أجل استقرار المغرب العربي، ومحاربة آفتي الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود، آخذاً بعين الاعتبار مصالح دول أخرى معنية بالأمر. ودعا البيان الصادر عن اجتماع الرباط الى تطوير آليات ومؤسسات اتحاد المغرب العربي، وتفعيلها بناء على الخبرة والتجربة والمكاسب السابقة، التي تحتاج الى التعزيز وتجاوز العثرات، وقال إن وزراء خارجية بلدان اتحاد المغرب العربي، اتفقوا على أن يبرمج ويتابع المجلس عقد اللجان الوزارية المتخصصة والمجالس القطاعية، في مختلف المجالات المتعلقة بالأمن الغذائي والاقتصاد، والمالية، والبنيات التحتية الأساسية، والموارد البشرية، وأضاف أنهم اتفقوا على أن يسرع وزراء التجارة والزراعة بالاتحاد لعقد اجتماع مشترك للمضي في اتجاه اعتماد اتفاقية التبادل الحر، التي تم توقيعها بالأحرف الأولى.