طيور الغناء تحلم وهذا أمر جديد، أما الأمر الأكثر جدة ودهشة أنها تحلم بالغناء وتتدرب عليه أثناء منامها حسب دراسة علمية حديثة أجريت مؤخراً فى جامعة شيكاغو الأمريكية، فقد تبين للعلماء أن طيور الغناء تحلم بالغناء حتى تتمكن من إطلاق أصواتها الجميلة على نحو أكثر دقة وحلاوة وتلحيناً وتنوعاً. ركزت الدراسة التى قامت بها جامعة أمريكية على فحص النشاطات الكهربائية الدقيقة لأدمغة بعض طيور الغناء التى تعرف بإسم «الحسون المخطط» وهو طائر يعيش فى أستراليا يحمل علامات تشبه علامات وخطوط حمار الوحش. ولاحظ فريق البحث أن طيور الغناء تقوم وهي نائمة بتحريك أعصابها المسؤولة عن الغناء على نحو معقد شبيه بتلك النشاطات التى تؤدى بالطير إلى الغناء وهو مستيغظ . وتتعلم صغار الطيور الغناء من خلال تنصتها وسماعها للطيور البالغة وهي تغرد، وتقوم بعد ذلك بالتدريب على ما تعلمته. وقد كشف البحث أن الطيور الموسيقية تحفظ الأغنية بكاملها تم تتدرب عليها أثناء نومها. ويبدو أن طيور «الحسون المخطط» - نجم هذه التجربة الغنائية - يحفظ مقام الأغنية ونغماتها الصعبة التى يسمعها أثناء النهار ليعزفها متدرباً عليها فى دماغه خلال الليل، بل ربما يغير ويجود ويطور فى تنويعاتها اللحنية. وهناك صنف جميل من الطيور المغردة يعيش في غابات الإكوادور في أمريكا الجنوبية، وقد شغلت هذه المخلوقات الصغيرة الجميلة علماء الطبيعة لفترة زمنية طويلة بطبيعة الغناء الذي تنفرد به. إسم هذا الطائر هو »الُنمنمة«. ويعود سبب إهتمام العلماء بهذا النوع من الطيور إلى الغناء الصعب الذي يؤديه في كورس جماعي ووفق نظام حسابي دقيق ومتكامل، وقد راقب علماء مختصون وعلى مراحل زمنية طويلة حياة هذه الطيور وتوصلوا إلى قناعة بأن هذا الغناء الكورالي هو أكثر الأنواع تطوراً وتعقيداً في عالم غناء الطيور قاطبة. وقد لاحظ هؤلاء العلماء بأن إناث الطيور هي التي تبدأ الغناء وكأنها تسأل فتجيب ذكور الطيور ويستمر الغناء بشكل منتظم وساحر حيث تؤدي خلاله مجموعتان من الذكور والإناث مقطوعة موسيقية بارعة تستمر دون أن يتقاطع غناء أحد الفريقين ببعضهما البعض بل وحتى دون أن تنشأ فجوة أو فراغ زمني بين مقاطع الغناء. ورغم أن هناك الكثير من أصناف الطيور المغردة في العالم غير أن ما يثير الإهتمام هنا هو النظام الدقيق والحساس الذي يرافق أداء هذا النوع من الطيور، ومن أجل أن يفهم العلماء قواعد هذه السيمفونية الطائرة بادر فريق العلماء المعنيين إلى صبغ أقدام الطيور بحلقات لونية مختلفة لغرض تمييزها وقاموا بتسجيل الغناء بميكروفونات عالية الحساسية ثم عكفوا على دراسة التسجيلات في مخابر الصوت العلمية في محاولة لفهم النمط الذي يجري على أساسه الغناء. النتيجة كانت كالتالي فكل سؤال غنائي تطلقه أنثى الطير يقابله جوابان متتاليان يؤديهما الذكور على الفور وقبل أن يحصل فراغ زمني بينهما، ثم يعقب ذلك فسحة زمنية قصيرة جداً تتكرر بعدها الدورة الغنائية من جديد ويمكن أن يستغرق هذا الكورال الغنائي المتبادل الأدوار مدة دقيقتين كاملتين. ومن الطريف أن كل دورة غنائية تبدأ حين تقوم أنثى من إناث الطيور بتقديم نوع أو نموذج معين جديد ويجيب الذكور بشكل جماعي على هذا السؤال الغنائي بغناء آخر يبدو وكأنه متفق عليه. وتغريد الطيور فى الفجر هو السيطرة على المكان ورمز للجنس أيض، فمزيج الأصوات الجميلة التي تصدر عند الفجر في مواسم التزاوج هو نتيجة مناجاة ذكور الطيور للإناث، وتندرج النغمات بين صوت من مقطع واحد وصوت معقد من طبقات ونغمات متعددة ، وتتناغم الأصوات بقوة وجمال لدرجة أنها تكون محببة للأذن البشرية. ويمتاز تغريد الطيور في فجر أيام الربيع بأنه دليل على قيام الذكور بإنشاء مناطق الأعشاش ، حيث تتصرف بطريقة رائعة وقوية لتعلن وجودها في منطقة معينة . وتصدح أصواتها في السماء قبل فصل التزاوج وخلاله ، ثم تخف تدريجيا عندما تفقس الصغار وتهدأ تدريجيا عندما تكبر الصغار وتهجر المنطقة