إن من التعسف أن نحكم «على الإنسان» في الدنيا بأنه فاسق وخاسر وهو- من أهل النار-، وأن نخوض في الدواخل والبواطن وأغوار النفوس.. وننصب أنفسنا قضاة وجلادين.. لإخواننا المسلمين.. لمجرد اختلافنا في الرأي.. أو المهنة.. أوالسلوك العام الظاهر..! فالإسلام عقيدة.. وعبادات.. ونظام حياة.. يتفاوت في درجاته كل بحسب مفهومه وثقافته وما أتيح له من دراسات ومعلومات، فإذا تساوى الناس في العقيدة وعرفوا «جوهرها» بألاَّ إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.. خُتم عليه بخاتم الإسلام.. جميعاً.. ولكن العبادات والعادات من الصعب جداً التساوي فيها.. ويتعذر على الإنسان أن «يفرض على أخيه الإنسان أن يفعلها بالكيفية التي يراها هو مناسبة».. أولاً لأن لا أحد يضمن أنه يفعل الصواب- ويؤدي العبادة التي يتقبلها الله سبحانه وتعالى وهذا هو المحك الحقيقي- فالكل يصلي ويصوم ويتصدق.. لكن هل يجزم بأن الله يتقبلها بشكلها وكيفيتها ويطمئن ألا يكون فيها - رياء- أو عجب.. ولم يخالطها أي عمل يحبطها.. ثم من قال إن الناس يدخلون الجنة بأعمالهم؟ إن «إمامة» المساجد أمانة.. والمنبر والدعوة لها شروطها وغير مرتبطة بالأيدلوجية الفكرية الغرائبية المتطرفة- والدين وعاء واسع والأُمَّة الإسلامية هي الأُمَّة- الوسط- بعيداً عن الغلو والتطرف والتكفير والتنابز.. والوصف الصريح «بأن فلان كافر وعلان فاسق.. فالله وحده ولا شريك له في معرفة السرائر والضمائر.. وقبول الأعمال.. قال صلى الله عليه وسلم «دخلت امرأة بغي من بني إسرائيل الجنة سقت كلباً..» وقال صلى الله عليه وسلم «إن الملائكة يرفعون عمل عبد من عباد الله فيستكثرونه ويزكونه حتى ينتهوا به إلى حيث شاء الله تعالى من سلطانه فيوحي الله إليهم أنكم حفظة على عمل عبدي، وأنا رقيب على ما في نفسه.. إن عبدي هذا لم يخلص لي عمله فأكتبوه في سجين، ويصعدون بعمل عبد فيستقلونه ويحتقرونه حتى ينتهوا به إلى حيث شاء الله فيوحي الله إليهم.. أنكم حفظة على عمل عبدي وأنا رقيب على ما في نفسه.. إن عبدي هذا أخلص لي عمله فأكتبوه في عليين».. وفي هذا دليل على أن قليل العمل إن كان لوجه الله تعالى خير من الكثير لغير وجه الله فإن الله يضاعف بفضله «لمن يشاء»..! .. «والله يغفر لمن يشاء.. ويدخل من يريد الجنة برحمته فكل الذنوب وإن عظمت لا تنقص من ملك الله شيء.. وكل الأعمال وإن كبُرت.. لا تزيد من عظمته شيء.. والله هو الغني الحميد عن عباده ونحن الضعفاء المحاسبين.. قال صلى الله عليه وسلم «لأن يخرج العبد في حاجة أخيه خير من عبادة ألف ليلة صيامها وقيامها»، إن المتأمل في هذا الحديث الشريف.. يعرف أن الدين هو المعاملة.. للناس بعضها بعض.. بلا فحش أو لعن أو إلباس صفات تقلل من قيمة وكرامة الإنسان..! زاوية أخيرة: روي عن علي بن أبي طالب كرَّم الله وجهه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مكتوب حول العرش قبل أن يخلق الله الخلق بأربعة آلآف عام: وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى».