ظل السودان منذ الاستقلال يعاني الأزمات السياسية والحروب، التي شلت من حركة نموه وتطوره، مقارنة بما يملكه من مقومات وإمكانيات، فقد كانت عملية تغيير النظام واحدة من الأجندة التي تسعى لها الدول الغربية من أجل السيطرة على الموارد السودانية، وقد زاد الاهتمام بتغيير النظام خصوصاً بعد استلام الإنقاذ لمقاليد السلطة في الدولة السودانية، ورغم تقديم الدعم للمتمردين الجنوبيين إلا أنها لم تنجح في تحقيق ذلك، رغم انفصال الجنوب، لتأتي بعد ذلك الأحداث الإقليمية أو ما يسمى بالربيع العربي، ومدى تأثيرها على السودان.. الأمر الذي جعل المدعي العام للمحكمة الجنائية لويس مورينو أوكامبو- عقب فشله في القاء القبض على الرئيس عمر البشير ومن ثم اصدار مذكرة توقيف بحق السيد وزير الدفاع الوطني الفريق أول عبد الرحيم محمد حسين- ليأتي بعد ذلك ويقول في تصريحات صحفية بالدوحة إن على الشعب إحداث التغيير أسوة بالربيع العربي، ويحث السودانيين على أهمية تغيير البشير.. أما المعارضة فقد ظلت طوال الشهور الفائتة تطلق التصريحات الصحفية، وتعقد الإجتماعات، وتنسق فيما بينها لاسقاط النظام، وتعمل على تهيئة الشعب لقيادة ثورة التغيير ضد النظام الحاكم، الذي ترى في بقائه في الحكم تفكيكاً للسودان وانهياراً للاقتصاد، وفي كل يوم جديد تتوعد المعارضة الحكومة باسقاط النظام، وبأن أجلها قد قرب، ولم يبقَ إلا مسألة وقت، وتؤكد أن فرص نجاح الثورة متوفرة، وكل المؤشرات تؤكد أهمية التغيير، وفي المقابل تؤكد الحكومة السودانية أن ماتقوم به المعارضة ماهي إلا بالونات من الكلام الفارغ، وهي أحزاب عجزت عن إدارة نفسها، فكيف لها أن تقود شعباً للإطاحة بالنظام الحاكم.. حيث قال المشير عمر البشير رئيس الجمهورية لدى مخاطبته قوات الدفاع الشعبي إن التآمر على السودان لم يتوقف بعد، وأننا جاهزون لردع المتخاذلين، مضيفاً من يمد أصبعه «نقطعه ليهو والبرفع عينه على السودان نقدها ليهو».. مشيراً إلى أن الحديث عن ثورة ربيع عربي في السودان قد ولى زمانها، لأن الإنقاذ الوطني هي أول ثورة ربيع عربي في المنطقة، مؤكداً أنهم مستعدون لتقديم أضعاف ما قدموه من شهداء في حرب الجنوب، وفي ذات الاتجاه شن د. نافع علي نافع هجوماً على الجبهة الثورية والمعارضة، وقال إن ما تقوم به المعارضة عن اسقاط النظام مثل فرفرة المذبوح.. مشيراً إلى أن ما تقوم به ما هو إلا استهداف داخلي مدعوم من الخارج، يسعى للأطاحة بالنظام، مؤكداً مقدرتهم على التعدي لكافة التحديات التي تواجه الوطن. فيما يرى بعض الخبراء والمراقبين أن عملية تغيير النظام لا يمكن أن تحدث في الوقت الراهن، فإذا كان الحديث حول اسقاط النظام بالعمل العسكري، فهذا لا يمكن لأن الحركة الشعبية طوال ال 50 عاماً عجزت عن احتلال جوبا، وإذا كان استخدام حرب العصابات واستنزاف الموارد فهذا عمل غير أخلاقي، لا يمكن لأي سوداني مهما كان عداؤه للنظام أن يقوم به، وإذا كان الحديث عن ثورة شعبية للمجتمع، فالمجتمع السوداني قد وصل لدرجة كبيرة من الإحباط وعدم الثقة في الأحزاب المعارضة، فجميعها جربها، وكما أن مسألة من سيخلف الحكومة القائمة الآن لا يوجد حتى وإن وجد من يخلفها، فهذا الخليفة حتى يقدم شيئاً للشعب فهو يحتاج لزمن طويل من تمكين نفسه وحزبه وأهله، أما التدخل الخارجي فهذا عمل غير مستحب يؤدي إلى الاستعمار الأجنبي. ويقول الخبراء إن الحل هو استخدام الحوار، وقفل باب التدخل الأجنبي، وعودة الأحزاب والحركات عودة طوعية لقيادة العمل المدني والسياسي من الداخل، وطرح آرائها وأفكارها، وتقديم برنامجها الانتخابي الذي يمكنها من مساندة الشعب لها حتى تنجح في تغيير النظام عبر صناديق الانتخابات،