للنحل لغة خاصة يتفاهم بها عن طريق الرقص، وللنحلة الشغالة في جسمها من الأجهزة ما يجعلها تستطيع قياس المسافات والأبعاد والزوايا بين قرص الشمس والخلية، كما إنها تستخدم لغة سرية في التخاطب عن طريق رقصات خاصة معبرة تنبئ بها أخواتها عن وجود الرحيق الحلو وتحدد لهن موضعه تحديداً دقيقاً من حيث زاوية الإتجاه إليه وبعده عن بيتها. عالم ألماني شرح هذه المعطيات بالتفصيل فى كتاب أسماه »حياة النحل الراقص»، بعد دراسات إستمرت لفترة طويلة نال بسببها جائزة نوبل العالمية عام 1973. وتبدو هذه الإكتشافات أغرب من الخيال، ولكنها من آيات الله المعجزة التي كشف العلم الحديث عن بعض أسرارها بعد أربعة عشر قرناُ من نزول القرآن الكريم على سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام. ولكي تخبر النحلة بقية الشغالات عن مكان وكمية ونوع الزهور التى زارتها عندما تقوم بجمع الرحيق وحبوب اللقاح، فإنها تعبر عن ذلك بالرقص في الخلية. فإذا رقصت النحلة في خط مستقيم فمعنى ذلك أن الزهور في إتجاه الشمس، أما إذا رقصت ناحية الإتجاه المعاكس فمعنى ذلك أن الزهور عكس إتجاه الشمس، أما اذا كان إتجاه الرقص ناحية اليمين فمعنى ذلك أن الزهور تقع بزاوية 90 درجة من الجهة اليمنى، أما إذا رقصت بزاوية ميل 45 درجة فهذا يعني أن زاوية الميل عن الشمس تساوي 45 درجة. ومن المعروف أن الشمس تغير إتجاهها بمقدار درجة واحدة كل أربع دقائق ناحية الغرب، وتراعى النحلة هذا التغيير جيداً عند وصفها لزميلاتها. وتعبر مدة الرقص عن المسافة التى تبعد عن الخلية وتوجد عندها الزهور، أما سرعة الإهتزازات أو قلتها فتعبر عن كمية الزهور، أما نوع الزهور فإن النحلة تطبع رائحة الزهور في فمها حتى يتعرف عليها بقية الأفراد عند رجوعها إلى الخلية. ومن عجائب هذه الحشرة العجيبة (النحلة) أنها أكثر المخلوقات جدية في العمل والتعاون. ورقص النحل له أكثر من معنى كما ذكرنا، المعنى الأول هو تعرفه على مكان حبوب اللقاح وكمية ونوع الزهور، والمعنى الثانى تعبير عن فرحته لهذا الإكتشاف. ومثلما هناك جنود للنمل، والتي تكون وظيفتهم الرئيسية هي حماية مسكنهم من أي دخلاء أو غرباء، فهناك أيضاً جنوداً فى عالم النحل. فقد إكتشف العلماء أن هناك بعض حشرات النحل تٌولد كجنود، فبينما يشيع النظام الطبقي في نوعي النمل والنمل الأبيض وتكون للحشرات فيهما أحجام وأنواع وأدوار مختلفة، يعد تقسيم النحل إلى شغالات أمر مؤقت في الغالب. وتقوم الشغالات من النحل بمهام مختلفة في أعمار مختلفة، فتبدأ بتنظيف الخلية ثم إطعام اليرقات، ثم جمع الطعام، وفي النهاية الحراسة. وأكثر ما يميز النحل شدة حاسة الشم التي تجعله يتعرف على رائحة الزهور والفرق بين رائحة زهرة البرسيم والقرع في وقت واحد، وحسن إختياره لأحسن وأجود أنواع الزهور التي تجمع منها أفضل الرحيق وكأنها تقوم بعملية تحليل لهذه الزهور بحاسة الشم التي أصبحت تحتفظ بأرشيف ذاكرتها الخاصة بحاسة الشم. والنحل يقظ الحواس بالإحساس بالوقت كما أنه لا يفقد مواعيد السروح وجمع الرحيق والتعقيم والتطريد، كما يعرف مواعيد التغذية وباقي أعمال النحال التي يقوم بها. وهو يحافظ على المواعيد التي يتعامل النحال فيها مع النحل من الفحص والتنظيف والتغذية وغيرها. كل هذه الأعمال التى يقوم بها النحل بجانب طبيعة حياته تدل على مدى القدرة العقلية المتميزة التي جعلته مؤهلا بهذه القدرات من تمييز نوع الزهور ومواعيد العمل وغيرها من الأعمال الأخرى.