تقول الرواية إن الشيخ حسن الترابي اجتبى وزيراً ليعمل معه في أمانة المؤتمر الوطني.. وكان المُجتبى من أصحاب ما بعد الفتح الذين جاءوا للحركة الإسلامية بعد أن سطت على السلطة ذات ليل حالك السواد.. اندهش الشيخ عندما اعتذر الرجل عن الأمانة وفضّل البقاء وزيراً في الحكومة.. الترابي بسخريته قال إن الرجل جئنا به ممثلاً فبات مخرجاً.. وعندما تصفح الشيخ قائمة الموقعين على مذكرة العشرة دقق في اسم وزير التربية حامد تورين مردداً «أما هذا لا في العير ولا النفير». الدكتور أمين حسن عمر مفكر الحزب الحاكم حك رأسه وأكد أن حزبه يعاني من الانتهازيين.. دكتور أمين بدا كمن يبحث عن آلية توزاي آلية أبوقناية في القصر الجمهوري لقطع الطريق أمام الانتهازيين في المؤتمر الوطني. بصراحة الانتهازيون براءة مما حاق بالبلاد والعباد في ظل حكم الحركة الإسلامية.. الانتهازيون يأتوا إلى السلطة ويحملون المسابح والمباخر.. في رمشة عين يختفون من الساحة.. حتى وهم في عملهم كانوا يدركون أنهم في مأمورية ورحلة ذات أجل. أمين حسن عمر في حواره الصحفي يكشف أن من اتخذ قرار الانقلاب على الديمقراطية ليست الجبهة الإسلامية.. يحدد الجهة بأنها الكيان الباطني للحركة الإسلامية. أول خلاف علني على السلطة حدث في مستهل التسعينات عندما تم انتخاب أول أمين عام للمؤتمر الوطني ..الكيان الخاص كان يرغب في غازي صلاح الدين.. كثير من القواعد كانت ترى في الشفيع أحمد محمد وجهاً مقبولاً في تلك المرحلة.. رغم الشعبية الكبيرة وتأييد أبناء غرب السودان إلا أن إرادة أهل الباطن جعلت من الدكتور غازي صلاح الدين أول أمين منتخب للمؤتمر الوطني. بُعيد استشهاد الزبير محمد صالح لم تجتمع أجهزة المؤتمر الوطني لاختيار خليفة.. نخبة من أصفياء الحركة الإسلامية توافدوا على منزل المرشد حسن الترابي.. اختاروا بعيداً عن المؤسسات ثلاثة رجال لمنصب النائب الأول. المفاصلة بين الإسلاميين لم يهندسها حامد تورين.. تلاميذ الشيخ وأبناؤه المخلصون في التنظيم هم من اجتمع آناء الليل وأطراف النهار لحياكة الانقلاب الثاني في عهد الإنقاذ.. لغة مذكرة العشرة كانت تتحدث باسم الحركة الإسلامية في هيئة شورى المؤتمر الوطني. الإسلاميون الخلص هم من حسم الصراع في الجنوب عبر الحرب والسلام.. وهم ذاتهم من أوقد نار الفتنة في دارفور.. الإسلاميون الأصفياء هم من جاءوا ببيوت الأشباح وأحالوا الأبرياء إلى مقصلة الصالح العام.. الإسلاميون الاتقياء هم من أدخلوا الناس إلى المساجد ثم غادروها عبر النوافذ إلى الأسواق. الإسلاميون الذين تربوا في حضن التنظيم هم من يقبضون على مفاصل الدولة والحزب والحركة الإسلامية.. الإسلاميون الذين نعرفهم هم من أصبحوا أثرياء في المدينة وجمعوا بين الوظيفة العامة والتجارة الخاصة. إن لم تمارس الحركة الإسلامية نقد الذات المؤلم لن تنصلح المسيرة.. من السهل على شيخ أمين أن يرمي باللوم على رجال انتهازيين دلفوا إلى دار الحزب الحاكم من أجل لقمة العيش.. ولكن الحقيقة ليست كذلك.