شاب صغير جداً من تلاميذي جاء ليودعني حيث أنه مسافر للدراسة بكندا، وكانت هي المرة الأولى للسفر بعيداً من ماما وبابا، وأيضاً من شيخه.. قال جئت اودعك وأني أطلب منك أن لا تنساني أبداً، وادعو لي الله عز وجل بالتوفيق والنجاح والحفظ والسلامة، حتى أعود إلى بلدي سالماً غانماً قلت أولاً، أود أن أنصحك حتى بعد ذلك أقول لك سر في أمان الله وحفظه.. قال كلي أذن صاغية.. قلت عندما يسافر الشاب إلى الدول الغربية، يكون قد خرج من المجتمع الإسلامي المحافظ إلى مجتمع أروبي أو غربي مختلف تماماً عن المجتمع الذي عاش فيه، وتوارث التقاليد الإسلامية أباً عن جد، ولكن في المجتمع الذي سافر إليه يجد الوضع مختلفاً تمام، حيث البنات عاريات أو شبه عاريات، وكل حرام مباح عندهم، من خمر وميسر، وأفلام إباحية ومخدرات، فيجذب ذلك الشباب، ليقبلوا عليه وينغمسوا فيه حتى النخاع، فيضيعوا ويندم أهلهم، حيث لا ينفع الندم.. أما إذا تمسك الشاب بدينه أعانه الله على البعد عن المعاصي، وحفظه وأصبح مستجاب الدعاء حتى يرجع، فينفع نفسه وأهله ووطنه بل دينه.. إحذرأن تهمل صلاتك، إحذر أن تهمل قرآنك، وأعلم إن من لم يقرأ مائة آية في اليوم يخاصمه الله عز وجل، ولا تقطع صلتك بي، فالشيخ طبيب للنفس، وخبير يهدي إلى الله عز وجل، ولا يجوز التخلي عنه، كما لا يجوز التخلي عن الطبيب.. وبعد ذلك علمته سراً عظيماً وصغيراً يرى به المسافر من عجائب صنع الله ولطفه وتيسير أموره حتى يرجع.. ثم توكل على الله وسافر.. وبعد وصوله خابرني بالتلفون انه سافر بالطائرة الكندية، وكانت تجلس جواره عجوز كندية بادرته بالحديث، وقالت له: إن لونه أبيض وليس كباقي العرب قال لها: إنه اردني، ولكنها اخبرته انها تعرف مصر والسعودية ودبي فقط، واستمر بينهما الحديث، وعلمت منه أنه مسلم الديانة، وأنه ذاهب إلى كندا للدراسة الجامعية، وانها المرة الأولى التي يزور فيها كندا، بل هي المرة الأولى له للسفر خارج البلاد، وسألته عن ماذا يعرف عن الكنديين، وماذا يعرف عن المسيحية، وقال لها إنه يحترم كل الديانات، وأن لديه أصحاب مسيحيين زملاء دراسة، وأطلعها على مجموعة من الصور التذكارية، وتوقفت عند صورة تجمعني أنا وهو، فقالت له من هذا هل هذا أبوك، قال لها هذا شيخي واستاذي كالقسيس عندكم، قالت له هل يضر أو ينفع!! قال لها الضار والنافع هو الله فقط، انه أخبر مني في الحياة، وهو ينصحني ويرشدني دائماً قالت: هل وجدت نصائحه حكيمة ومرشدة قال: نعم قالت: يتقاضى منك راتباً جراء ذلك قال: لا. في خلال السنتين اللتين عاشهم بكندا تعلمت منه الكثير عن الاسلام، الدين العظيم دين المحبة والسلام، وتبخرت من فكرها وعقلها ووجدانها كل أكاذيب باطلة روج لها اللوبي الصهيوني، ملبس الإسلام ثوب الإرهاب وسمعة التخلف والأباطيل. صار الاثنان يتصلان بي كثيراً، بل أصبحت تثق في كل ما أقول، وأنهي مكالماتي دائماً معها بأن أوصيها عليه خيراً.. شيئاً فشيئاً زاد تعلقها بنا، وأشهرت إسلامها، وسمت نفسها السيدة/ فاطمة الزهراء، وحسن اسلامها، وأصبحت تترجم المصحف وكتب الحديث، ومن أشد أنصار الإسلام.. أما ذلك الطالب النجيب فقد تخرج بدرجة امتياز وحصل على وظيفة، وحصل أيضاً على «القرين كارت» ويستعد لاستلام الجواز الكندي، وقد حجا سوياً إلى بيت الله الحرام، ومعهما مجموعة مِنْ مَنْ اسلموا حديثاً. ما زال ذلك الطالب على الود محافظاً، وعلى السر الذي علمته له محافظاً، وعلى صداقته مع عدد من الكنديين محافظاً، ويحكي لي دائماً عما تظهر لهم من كرامات وقضاء حاجات، الحمد لله الذي هدانا لهذا ولولاه ما كنا لنهتدي.. والحمد لله على ذلك المخرج وعلى اسلام تلك الصالحة الكندية، ومن معها من الكنديين، وإلى اللقاء في مخرج جديد.. قال تعالى: «ومن يتق الله يجعل له مخرجا» سورة الطلاق الآية «2»