شكل ارتفاع الدولار على مدار الشهور الفائتة أزمة حقيقية على الاقتصاد، والقت تلك الأزمة بظلالها على المواطن، من خلال ارتفاع الأسعار في السلع والمواد الغذائية، إضافة إلى ارتفاع أسعار السيارات والاسبيرات، الأمر الذي أجبر الحكومة إلى توقيف كثير من الواردات بغرض المحافظة على الكميات الموجودة في النقد، والعمل على زيادة وتنويع الصادرات بعد توقف البترول، وذلك بهدف توفير أكبر قدر من الصرف حتى تتمكن من تخفيض الأسعار لصرف الدولار بغية الاستفادة منه في إنقاذ الاقتصاد الوطني من حالة التدهور الموجودة الآن، والتي بدورها أفرزت الكثير من السلبيات وإذا لم تتم معالجتها سيزداد الوضع سوءاً، ومنها ازدياد نشاط ما يعرف بالسوق الموازي لتجارة العملة التي أصبحت مثل السكر والدقيق يقوم بتخزينها التجار وتوزيعها متى ما سنحت لهم الظروف، التي تحسن من وضعهم الخاص، دون اعتبار للوضع العام، وهذه السياسة أدت إلى ارتفاع سعر الدولار الى فوق ال«5» جنيهات. وفي إطار الجهود المبذولة من قبل الدولة لحل هذه الأزمة يقوم البنك المركزي بضخ النقد الأجنبي للصرافات، وهذا ما أكده اتحاد الصرافات حسب ما جاء في الصحف، مؤكدين على استمرار البنك المركزي في ضخ النقد الأجنبي للصرافات في حدود «50-70» ألف دولار ويورو يومياً لمقابلة التزامات واحتياجات الصرافات تجاه المسافرين، مشيرين إلى أن هناك انتظاماً في البنك المركزي في ضخ النقد الأجنبي للصرافات لمقابلة احتياجاتهم اليومية، وفي المقابل قال أحد تجار العملة بالسوق الموازي أن الدولار شهد ارتفاعاً حاداً خلال الأسابيع الفائتة، ولم يتراجع عن مبلغ ال«5» جنيهات بل ظل ما بين 10.5- 30.5 نسبة للشح في النقد الأجنبي، مؤكداً أن حديث البنك المركزي حول الضخ يمكن أن يساهم في توفير النقد الأجنبي للذين يحتاجونه من مسافرين ومرضى وطلاب، ولكنه لا ينجح في خفض الدولار بالسوق الموازي، باعتبار أن البنك المركزي سبق وأن تحدث عن ضخ حوالي «100- 150» الف دولار يومياً، لماذا نقص المبلغ إلى «70» ألف.. وقال هذا التراجع يؤكد عدم مقدرة المركزي في محاربة السوق الموازي، وفي ظل البحث عن الحلول لمعالجة قضية الدولار، أكد الخبير الاقتصادي محسي محمد علي أن مباحثات القمة المرتقبة بين البشير وسلفاكير إذا قدر لها النجاح، فهي الحل الناجح للأزمة، باعتبار أن عودة ضخ النفط عبر الشمال سيحقق أكبر عائد من الدولار، وبالتالي يسد العجز الذي تركه جراء توقف ضخه الأخير من قبل حكومة الجنوب.. وقال إن أي حديث غير ذلك لا يخرج عن كونه كلام لا يقدم ولا يؤخر، وإذا أردنا أن نبحث عن موارد غير البترول، فلابد من طرح كميات كبيرة توازي متطلبات السوق من سفر ومرض ودراسة.. وأشار إلى أن سياسة التجار هي الربح، وهم «ناس لا مجاملة في التجارة» ودايرين يكون عندهم دولار.. و أما حديث البنك حول ضخ النقد الأجنبي لا يكفي احتياجات السوق، لأن الدولار الطالع أكثر من الدولار الداخل وأبان محسي أن كثرة الحديث عن المعالجات من خلال تنويع وزيادة الصادرات والاتجاه إلى الاستثمار في بعض المجالات، لا يمكنها أن تحل مشكلة الدولار في الوقت الراهن، وسيظل العجز موجوداً لأن الحكومة اعتمدت نظام السوق المفتوح، وهذا النظام قلل من فرض هيبتها، ولكن يبقى الحل والخيار الوحيد في عودة ضخ النفط عبر الشمال.