كلما أشاهد البوم صوري القديمة أضحك حتى تصطك أضلاعي ، فحينما كان العمر بلون الورد كان صاحبكم العبد لله يحمل على رأسه تفة تنوء عن حملها الركبان ، وحتى هذه اللحظة لا أعرف كيف كنت أستسلم لتلك التفة ، عفوا حكاية تفة العبد لله ليس موضوعنا اليوم وإنما الحكاية تتعلق بالمحادثات القرعة ، بين الجنوب والشمال وهي تماما مثل الحركات القرعة التي لا طائل منها ، للأسف الشديد أن المحادثات بين السودان وشقيقته اللدود دولة جنوب السودان تطلع دائما «قرعة » ، وحتى لحظة إنضباط ساعة المحادثات علينا أن نطلق على هذه المحادثات « محادثات القرعان» على غرار حوار الطرشان . وحوار الطرشان ربما يكون أقرب نموذج لما يجري بين ساسة الدولتين ، المهم في وسط هوجة حوار الطرشان تظهر أصوات نشاز من المعارضة تمارس لعبة المديدة الحارة ، يعني بالمفتشر بعض المناهضين لحكومة الإنقاذ يحاولون دس السم في الدسم ، ويتمنون في قرارة أنفسهم عدم توقف المناوشات الساخنة بين الدولتين ، وأن تطلع المحادثات في كل مرة قرعة . حسنا إذا كان ساستنا في الشمال والجنوب خصهم الله بأمخاخ قرعة ، وإذا كانت أمخاخ أمراء الحرب في المناطق الساخنة عبد العزيز الحلو ومالك عقار ومن لف لفهم عقولهم قرعة كيف يمكننا يا جماعة الخير أن نصنع محادثات سلام لها تفه وشعر كثيف ونجنب البلدين ويلات الحروب والنزيف البشري وغياب الحراك التنموي ، لأنه بدون إستقرار أقطع ضراعي لو إستطعنا أن نتجاوز عقباتنا الكبري في المسائل الإقتصادية ، لكن بصراحة فإن دولة جنوب السودان عليها أن تتوكل على الله وتنشد مقطع « في الحالتين أنا الضايع » ، لانها من قولة تيت وقبل أن تنطلق في بناء مؤسساتها الدستورية وبنيتها التحتية ، بدأ كرباج الحرب يجلد الدولتين طبعا هناك لاعبون دوليون يهمهم أن تظل المحادثات بين الجنوب والشمال تتخذ صفة القرعة اللعينة , وهي لعبة دولية محسوبة بالمسطرة والمسطرين من أجل تقسيم الكعكة السودانية ودقي يا مزيكا ، سمفونية القرع قرعي براي . المهم حتى نعيش الواقع الأليم بحذافيره ،علينا أن نستسلم للمحادثات القرعة ، فالقرعة مش بطالة ، وفي الأصل فإن التشبيه منسوب إلى ثمار القرع وهي من أفضل الأطعمة وعلي المزارعين في الجنوب والشمال التشمير عن سواعدهم والتفنن في زراعة القرع ، فهو شفاء ودواء وخفيف على المعدة ، كما أن صفة القرعة مناسبة للأجواء الساخنة في دولتي الجنوب والشمال ، خاصة ونحن على أبواب الصيف ، وحتى تكتمل الناقصة أدعو إلى إطلاق مهرجان القرعان في الشمال والجنوب على أن تتضمن شروط الإشتراك في المهرجان أن يكون الجميع رؤوسهم قرعة ، قرعة تماما مثل أمخاخ ساستنا في الشمال والجنوب ، وبهذه الطريقة الإحتجاجية السلمية يمكننا تحويل المحادثات القرعة إلى أخرى لها تفه تماما مثل تفة العبد لله في الماضي ولي زمان .