« لقد حان الوقت لأعود للمدينة التي أحبها » ..كان ذلك وليم دالي كبير موظفي البيت الأبيض مخاطباً الرئيس أوباما في رسالة استقالته من منصبه الحساس.. دالي فشل في قيادة مفاوضات حول الضرائب مع قيادات الحزب الجمهوري المنافس..أما دينس بلير مدير المخابرات فقد قدم استقالته للرئيس أوباما في مايو 2010 بعد فشله في رصد نشاط إرهابي.. ذات الخطوة فعلها دينس روس مبعوث ومستشار أوباما لشؤون الشرق الأوسط. في أكتوبر الماضي استقال وزير الدفاع البريطاني لأن أحد أصدقائه كان يقدم نفسه باعتباره مستشار الوزير حتى يحقق بعض المكاسب..الرئيس المجري بال سميث قدم استقالته من المنصب الرفيع بعد خروج تسريبات بأن رسالته للدكتوراة التي نالها قبل عشرين عاماً شابها التزوير..الرئيس المجري خاطب شعبه أن عليه الاستقالة حتى لا يقسم الأمة المجرية وسيذهب للقضاء لينصفه. أمس الأول وصل وزير الصناعة المهندس عبدالوهاب عثمان ليقف على آخر الترتيبات لتدشين مصنع سكر النيل الأبيض..المناسبة سيحضرها ضيوف أجانب شاء حظهم أن يحضروا مؤتمر قمة بالخرطوم..اندهش الوزير حينما أخبره القائمون على الأمر استحالة طحن جوال سكر واحد..السبب أن المصنع لم يحصل على رقم المرور السري لآليات الطحن..رجال حول الوزير صبوا جام غضبهم على الولاياتالمتحدة التي تمنع بلادنا «الشفرة».. بعضهم يقترح أن يكون الافتتاح مُراً بدون سكر..مجموعة تفكر في جلب سكر من المصانع المجاورة..الوزير في شجاعة نادرة يقرر الاستقالة ولكن رئيس الجمهورية يرفض. هنالك فضيحة حدثت في مصنع سكر النيل الأبيض..منذ سنوات والمصنع يواجه مشكلات..تكلفة التمويل ارتفعت من مئتي مليون إلى مليار دولار..إدارة المصنع وعدت الجمهور بتذوق سكرها في 11/11/2011 مضى التاريخ دون اعتذار رسمي..الشركة دعت الجميع بما فيهم رئيس الجمهورية لحضور الافتتاح دون إجراء بروفة واحدة..حتى المسرحيات تقدم لها بروفة وأخرى. المصنع يديره السيد حسن ساتي..المفاجأة أن ساتي يشغل أيضاً وظيفة مدير التخطيط الإستراتيجي بشركة سكر كنانة..الشركة التي تتولى تفاصيل العمل هي شركة كنانة للخدمات الهندسية والتقنية ..مديرها المكلف تربطه صلة وثيقة مع الشيخ ساتي الذي جمع من قبل بين الإدارة الإستراتيجية وإدارة مصنع النيل الأبيض. السؤال الملح كيف لشركة محترمة أن تشتري بضاعة بدون مفتاح التشغيل..والسؤال الأكثر إحراجاً أين الاستشاري الذي استلم العمل من الشركات المنفذة..كيف للشركة أن تصمت ولا تصدح بالحقيقة إلا في الزمن الضائع..الأسئلة الحائرة تجعل وزير الصناعة شريكاً في هذه الجريمة الوطنية التي يندي لها الجبين. في تقديري كان من الأفضل أن يقبل رئيس الجمهورية استقالة وزير الصناعة ويرسله في استراحة محارب إلى حين أن تفرغ لجنة التحقيق من أعمالها..عودة الوزير لمكتبه ترسل إشارة واضحة إلى المحققين بأن الرجل من أصحاب الحظوة. أمريكا تنتصر علينا في المجال التقني لأننا نحاربها باللافتات والإنذرات على شاكلة «أم ضريوة تحذر أمريكا للمرة الأخيرة».. كل ماتفعله تلك الدولة أنها تحرمنا الشفرة. شفرة نجاح العالم الأول أن الاستقالة حاضرة في أدبهم السياسي.