الإعلام بكل أشكاله وأنواعه هو، (صحافة)، لذلك تكون فنون العمل التحريري والصحفي دائماً هي منصة انطلاق كل الأعمال والبرامج الإذاعية والتلفزيونية، أو أي من أجهزة الاتصال الجماهيري، لأن كل العملية الإعلامية تقوم على (مرسل) و(وسيلة إرسال) و(متلقي) بهدف تمليك معلومات أو حقائق أو تغيير مفاهيم محددة بأخرى جديدة، عن طريق المنطق والإقناع و(الطرق) المستمر على شأن ما، حتى يصبح واقعاً.. وهذا ما استفاد منه المنتجون وأصحاب السلع والخدمات التي يسعون لتسويقها والترويج لها والإعلان عنها. يتحدث الكثيرون عن أن أنجح البرامج الإذاعية والتلفزيونية يقف من ورائها صحفيون، وهذا الفهم صحيح إلى حدٍّ ما، أو بصورة أدق صحيح إلى حدٍ كبير، لأن معد أو مقدم البرنامج المعين يتعامل معه وفق مفاهيم العمل الصحفي خاصة في الجانب الاستقصائي ومحاولة معرفة الحقيقة، والوصول إلى نتائج تتوافق مع المقدمات المطروحة- والأمثلة على نجاح الصحفيين في تقديم البرامج الإذاعية والتلفزيونية كثيرة، لا نريد أن نعدد أسماء الناجحين حتى لا ننسى أحداً، فنصبح بين (سين) و(جيم) ولن يغفر لك أحدٌ إن نسيت أحداً، لكننا مع ذلك نجد أنفسنا نقف عند برنامج جديد بدأ بثه في قناة أم درمان التلفزيونية، أو فضائية أم درمان، البرنامج يطل على المشاهدين تحت لافتة (صالة تحرير) يعده ويقدمه الصحفي والإعلامي والكاتب الكبير الأستاذ «خالد ساتي». شهادتي في «خالد ساتي» مجروحة فهو أخ وصديق وزميل، وقد عملنا معاً بصحيفة «الوطن» الغراء في حياة مؤسسها ورئيس تحريرها الراحل الأستاذ سيد أحمد خليفة، وكنت وقتها نائباً لرئيس التحرير، وشغل الأستاذ خالد ساتي منصب مدير التحرير، الأمر الذي مكنني من معرفة وقياس قدراته العالية، وكانت تلك أولى تجاربه الصحفية بعد عودته إلى السودان من مهجره في سلطنة عمان الشقيقة.. ثم تنقل في العمل داخل وخارج السودان إلى أن استقر به المقام- إلى جانب صديقنا الأستاذ حسين خوجلي- مديراً لتحرير صحيفة تلفزيونية يومية ناجحة اسمها (قناة أم درمان الفضائية)، فالقناة تعمل وفق المفهوم الذي يؤسس للنجاح، أي الخروج عن قيود الروتين، ورقابة رئيس العمل الحكومي، الذي يحاول أن يدخل بك إلى انفاق اللوائح والضوابط كلما حاولت الانطلاق. شاهدتُ أول حلقة من برنامج (صالة تحرير)، بل شاركت فيها ضيفاً بالهاتف في فقرة عن محتوى صحيفة «آخر لحظة» في اليوم التالي، بينما كان الضيف الرئيسي داخل الاستديو، صديقنا وزميلنا العزيز الدكتور خالد التجاني. لفتني إلى البرنامج جمال الديكور وبساطته ورقيّه، حتى لكأنك تحسبه (مستورد) لتشابه مفردات التكوين الخيالي لدى الكثيرين ممن يعملون في هذا المجال. ثم.. الفكرة نفسها التي تقوم على المفهوم القديم المرتبط ب(أقوال الصحف)، لكنها تجيء فكرة متطورة بتقسيم البرنامج إلى أزمان ومحاور وموضوعات، شائكة وشيقة في ذات الوقت، وتجعل الضيف والمضيف يلقيان الضوء على كل الحراك السياسي والثقافي والفكري والاجتماعي في البلاد من خلال رؤية تقييمية محايدة. ثم يجيء فوق كل ذلك طريقة الحوار التي يستخدمها مقدم البرنامج مع المحاور، والتي تنم عن فهم عميق للفكرة نسبة لحق التأسيس والاطلاق والتنفيذ، ثم فهم بيئة العمل الخاصة بالضيف، والفهم العميق للمهنة. تحية لأم درمان الفضائية، ولخالد ساتي، وللطاقم الفني في (صالة تحرير).. ونسأل الله أن يدفع بنا وبأعمالنا إلى ما يرضيه، ويحقق لنا من خلاله النجاح تلو النجاح، وأن يغفر لنا سيئاتنا.. ونسأله الجنة ونعوذ به من النار.. آمين. وجمعة مباركة