تواتر الأخبار يوم أمس عن توصل وفدا السودان وجنوب السودان لمفاوضات أديس لاتفاق على ست نقاط منها الوقف الفوري لإطلاق النار وتأمين الحدود ومناطق البترول وعدم التصعيد الإعلامي.. وتكوين آلية من الاتحاد الأفريقي لمراقبة حدوث أي توترات بين الجانبين.. وتبقت بعض القضايا الخلافية لم يتم الاتفاق حولها وارجئت لمطلع الأسبوع المقبل.. وعلى الرغم من أهمية الاتفاق لأنه سيوقف المعارك الدائرة الآن في جنوب كردفان وسيرجع الجيش الشعبي إلى ثكناته.. الا أنه لم يجد صدى بالداخل وقد ذهب المراقبون إلى أن تنازل الحركة الشعبية وموافقتها على وقف العدائيات له مؤشرات خطيرة ستظهر في مقبل الأيام وقد ذهب الخبير الاستراتيجي والمحلل السياسي د. جمال رستم إلى أن الاتفاق لا يعدو أن يكون هدنة حتى ترتب حكومة الجنوب أوضاعها مع أطرافها في الخارج أو مع أطرافها في المعارضة والحركة الشعبية قطاع الشمال و(تجمع كاودا) وقال إن هناك مؤشرات تدل على صحة ما ذهب إليه وحصرها في (5) مؤشرات أولها بيان كي مون الذي يطالب فيه بعقد قمة رئاسية بين البشير وسلفاكير على الرغم من أن القيادات المفاوضة تضم قيادات سياسية وعسكرية وأمنية على مستوى عالى وهي مفوضة تفويضا كاملا مما لا يقتضي قيام لقاء رئاسي، وزاد أن اللقاء الرئاسي سيؤثر على وضعية المشير عمر البشير رئيس الجمهورية فيما يتعلق بالجنائية، وقال إن هذا يزيد المشكلة تصعيداً. أما المؤشر الثاني هو كثرة الجلسات والاجتماعات التي ينفرد بها ثامبو أمبيكي بوزيري الدفاع في البلدين والتي وصلت إلى (4) اجتماعات دون التوصل إلى شيء تشير إلى نصر واضح لهما. واتجه د. جمال رستم في المؤشر الثالث إلى إصرار وفد حكومة الجنوب على رفض وقف إطلاق النار والعدائيات في البدء بالإضافة إلى أن ما توصلوا إليه اتفاق مبدئي يمكن أن لا يوضع موضع التنفيذ كما هو حادث الآن. أما المؤشر الرابع والذي أعتبره رستم هوالأخطر تعليق المفاوضات إلى يوم السبت المقبل، وقال إن ذلك يمثل نوعا من المماطلة.. خاصة وأن حكومة الجنوب ستسعى إلى تحديد موقف جديد خلال تلك الفترة بعد التشاور مع حلفائها وزاد قائلاً: «خاصة وأن الحركة الشعبية وحكومة الجنوب تعودت على نقض المواثيق والعهود».. وفي ذات السياق لم يستبعد رستم فتح حكومة الجنوب لجبهات قتالية جديدة لتقوي بها موقفها التفاوضي قبل يوم السبت الذي حدد للعودة للمفاوضات مرة أخرى. وأعتبر رستم استمرار العدائيات في مناطق الصراع أثناء المفاوضات مؤشرا إلا أن حكومة الجنوب ما تزال ترغب في تصعيد الموقف العسكري. وعاد رستم ليقول إن الحرب الدائرة الآن في جنوب كردفان هي جزء من الخطة الغربية التي تسعى لتغيير الخارطة السياسية المنطقة الممتدة من المحيط الاطلنطي إلى المحيط الهندي ولعل ما يدور في السنغال والصومال وانقلاب مالي وهي سلسلة حرب أو متوالية حرب لإعادة تشكيل المنطقة لتنصيب وتنصيب حكومات وأنظمة تتعامل مع الغرب بالأجندة التي يريد. وفيما يبدو أن القضية يمكن أن تأخذ شكلاً جديداً أما مواصلة الاتفاقية كما بدأت أو تنفيذ السيناريو الذي تحدث عنه د. جمال رستم والأيام القادمة ستكشف مدى تمسك الحركة الشعبية بالاتفاق.