صاحب التوقيع الإطاري حول الحريات الأربع ضجيج واسع وكبير بين مختلف قطاعات الشعب السوداني من معارضة وحكومة وخبراء وحتى المواطنين، حيث تمايزت تلك الآراء ما بين السخط وعدم الرضا من الخطوة التي قام بها الوفد المفاوض، ومؤيد ومشجع لذلك الاتفاق باعتباره هدنة في سبيل وقف العدائيات وترطيباً للجو السياسي المشحون بنار التصريحات من قبل الطرفين، وجاء التوقيع على الحريات الأربع والمتمثلة في حرية التجارة والتملك والتنقل والإقامة في وقت فيه كثير من القضايا العالقة لم تحل، الأمر الذي خلق موجة من التضارب حول الاتفاق الشيء الذي جعل الحكومة تتمسك بموقفها تجاه الاتفاق الإطاري، وهذا ما أكده د. نافع علي نافع مساعد رئيس الجمهورية على حسب ما جاء من بعض الصحف، بالقول ليس هناك أي تناقض في موقف الحكومة بشأن الاتفاق، وقال إن الاتفاق عرض على المكتب القيادي للمؤتمر الوطني وتفاءل به ويرى أن فيه فتحاً كبيراً حال سارت فيه الحركة الشعبية إلى النهاية، وقال إنه لا يرى مطالب أو حملة مناهضة للاتفاق تستحق الرضوخ لها، وأضاف رداً على الجهات التي تصف الاتفاق بالمهدد للأمن القومي أن تقنعنا بذلك، فنحن لا نستهدف أمن الدولة، ونفى نافع تعرض الحكومة لضغوط خارجية حتى يكون الاتفاق بمثابة الصفقة، موضحاً أن تطبيق الاتفاق يكون بالمثل، فيما ذهب محمد الحسن الأمين القيادي بالوطني إلى إن استمرارية الاتفاق مرهونة بتوفر الاستقرار، وأكد أن المواطنة مسألة مهمة، مضيفاً أن الاتفاق سيتم دون التفريط في الهوية السودانية، وتابع بأن السودان فتح أبوابه لدول الجوار ومن باب أولى أن يكون مفتوحاً للذين كانوا جزءاً من الدولة، وأكد الأمين أن ما ورد في الاتفاق يحتاج لتعديل بعض القوانين مثل القوانين الخاصة التي تمنع الأجنبي من التملك، فيما يرى بعض المراقبين أن الاتفاق الذي يتم يعتبر خصماً على السودان وليس إضافة، لأنه شكل عبئاً اقتصادياً على الأزمة الموجودة أصلاً، وذلك من خلال التواجد الجنوبي الكثيف بالشمال مقابل تواجد ضعيف للشماليين بدولة الجنوب، مشيرين إلى أن الاتفاق من الصعب تحقيقه في الوقت الراهن نسبة لمعطيات الواقع، حيث قال الخبير د. جمال رستم الأستاذ الجامعي إن توقيع الاتفاق الإطاري للحريات الأربع في هذا الوقت هو قفز فوق القضايا، فالوقت ليس مناسباً لتوقيع مثل هذه القضايا التي تمس أمن وسيادة الدولة، وقال إن هذا الاتفاق أعطى الجنوبيين الحق في التواجد في الشمال مما يزيد من المشاكل الداخلية، كما أن مسألة التملك تعطي الجنوبيين الأمل في الإبقاء على الممتلكات التي يمتلكونها بالشمال، وحرية الإقامة والتنقل يقلل من أهمية الرقم الوطني الذي تم استخراجه لحصر الوجود الجنوبي ولإسقاط الجنسية التي يحملها الشماليون والجنوبيون على حد سواء، وأوضح رستم كان من الأجدى أن تقوم الحكومة أولاً بمعالجة وتسوية القضايا العالقة والتي على رأسها ترسيم الحدود والنفط وأبيي وتحركات الرعاة، حتى تخلق استقراراً وتهييء الجو للتنمية، ومن ثم تقوم بالتوقيع على الحريات إذا رأت أنها لابد منها في سبيل تحقيق التكامل الاقتصادي للدولتين ولا خيار آخر غيرها.