نقلت إلينا (بلدياتي) الأخت الدكتورة إشراقة دفع الله المقيمة في إيطاليا.. الكثير من مشاهد الحياة هناك، ونقلتنا في رحلة سريعة وافية كافية عبر الحروف، عرفنا خلالها الكثير عن الطليان وحياتهم.. ولكن استوقفني من بين مشاهد تلك الرحلة، التلفزيون الإيطالي وإحترامه لعقول مشاهديه ولرسالته.. فهو- كما تقول الأخت الدكتورة إشراقة- ينوه مشاهديه عبر إشارتين ملونتين.. واحدة خضراء وتعني أن المادة المقدمة أياً كان شكلها (مسلسل.. فيلم.. برنامج.. نشرة أخبار) هي لجميع المشاهدين.. وأخرى حمراء تعني إبعاد الأطفال عن شاشة التلفاز لأن مادتها للكبار فقط..(على طريقة يمنع إصطحاب الأطفال)، التي كانت تنوه بها دور السينما عندنا عبر إعلانات الأفلام التي تود عرضها.. أيام أن كان لدور السينما (شنة ورنة).. وكانت الخرطوم عاصمة ثقافية وحضارية بحق وحقيقة.. وبغض النظر عن ما يقدمه التلفزيون الإيطالي من مادة..إلا إنه كم وضح هو تلفزيون صاحب رسالة يحترم معتقدات مشاهديه.. وله سياسة واضحة ودور في المجتمع وحياة الطليان.. وليس تلفزيون (على حل شعره)، كما نراه نحن ونفهم أن الأوروبيين لا يفهمون في أصول التربية شيئاً.. وقطعاً نحن لا نريد الإشادة بالمادة التي يقدمها التلفزيون الإيطالي أو رسالته، ولكنا نعقد مقارنة بينه وبين بعض قنواتنا الفضائية العربية وبعض السودانية.. التي يجب أن تستحي من تلفزيون إيطاليا.. فالواقع يقول إن الكثير من قنواتنا الفضائية، هي أشد خطراً على الأطفال والشباب من أي شئ آخر.. وهي السبب في ما وصلت إليه الكثير من المجتمعات.. عبر ما تقدم من مجون في مايسمي بالأفلام الرومانسية، التي لاتخلو من مشاهد جنسية تثير الغرائز والشهوات.. وأغنيات ما يسمى (الفيديو كليب) التي تلهب العواطف.. غير مشاهد أخرى من الرقص الماجن وما شابه ذلك.. ولن نكن مبالغين إذا قلنا أنها لا تعرف ديناً ولا أخلاقاً ولا ضميراً.. وإذا قلت أنها سبب كل المشاكل التي يعاني منها الشباب، ومن بعده المجتمع، فهي قنوات رسالتها الواضحة الفساد والإفساد.. والدعوة للتبرج والإنحلال.. عبر التنافس المحموم في المكياج، وعدسات العيون، وتسريحات الشعر وحف الحواجب بين المذيعات.. وتنافس الضيوف في الموضة، وما يقدمون من مواد هي في الأصل تهدم الدين وتهزم القيم.. وإن كانوا يقدمونها ببراءة أو بالأصح بجهل، ولا يدرون تأثيراتها وتأثير أفعالهم . إن من منطلقات إحترام المعتقدات وآداء الرسالة، وإحترام المشاهد، فالتلفزيون الإيطالي يتفوق على بعض قنواتنا الفضائية التي تبث برامجها من دول إسلامية وعربية وتحمل اسمها وشعاراتها، وما يؤسف له أن لا أحد يدين أو يستنكر أو يستطيع أن يقول (تلت التلاتة كم).. فالغرض والغاية مجرد تنافس في (الهشك بشك) وإرضاء الشباب، هذا غير قنوات (الدجل والشعوذة)، وتفسير الأحلام بغير علم، وقنوات الحب والتعارف والدردشة، التي تبتغي جمع المال ولا يهم بعده شئ. حقيقة هي مفارقات عجيبة.. والأعجب إننا نعلمها ونعلم أنها عجيبة.. ولا نحرك ساكناً.