جاء رجل أعمال سوداني إلى العاصمة السعودية يبحث عن ممول يشاركه في التجارة بالذهب.. وجد الرجل بغيته في سعودي يعمل في أكثر من مجال ويثق في السودانيين ثقة عمياء.. ولأن مسرح التجارة يمر بين الخرطوم ودبي والرياض ولضعف صلته بتاجر الذهب السوداني.. طلب المستثمر السعودي ضمانات.. تخيلوا من ضمن الضمانات المطروحة في السوق سفيرنا في الرياض بشحمه ولحمه ومنصبه الدبلوماسي الرفيع.. المستثمر السعودي لم يصدق أذنه إلا بعد أن دخل إلى مكتب السفير بالرياض. عزيزي القاريء الشيكات التي نشرت بالأمس في زاوية ممنوع من النشر ب«آخر لحظة» كانت جزءاً من الصفقة.. نعيد إلى مسامعكم نشرة الأمس.. شيك بمبلغ مليون وخمسمائة ألف ريال.. وآخر بمبلغ ثمانمائة وعشرين ألف ريال سعودي عنونت باسم السفير عبدالحافظ إبراهيم محمد.. مصدر مقرب من السفير أكد أن السفير تدخل في الصفقة لدواعٍ إنسانية تتعلق برجل أعمال سوداني معسر.. أرجوكم لا تسألوني عن قسمة الأرباح أو الطريقة التي يصدر بها الذهب السوداني.. تلك فاجعة أخرى. عملية وأخرى.. اجتماعات تجارية من داخل سفارتنا وتحت سمع وبصر الجميع.. رجل الأعمال السوداني يطالب بالمزيد.. خمسة ملايين ريال حتى يكبر رأس المال.. السعودي يتخوف.. ربما قرأ في الإعلام قصة مسؤولي الولايات الذين يحلبون المستثمرين العرب.. وربما سمع بشركة (يوتام) الهندية التي جاءت في عهد وزير الصناعة جلال الدقير.. والرجل من فرط إنجازاته تمت ترقيته إلى مساعد رئيس جمهورية دون المرور بفترة إستراحة محارب المتعارف عليها في أدبنا السياسي الراهن. رجل الأعمال السعودي لم يستطع الحصول على أمواله.. عاد إلى سفيرنا يبحث عن أمواله.. إجابات السفير كانت تحمل وعوداً لا تثمر.. التاجر السعودي أرسل مندوباً سودانياً إلى الخرطوم يستعطف أركان الحكومة.. يطلب وسطاء حتى يردوا له أمواله التي أصبحت مثل السراب.. كلما ظن أنه اقترب من الحصول عليها.. ضحكت له الأقدار السودانية. ما الذي يجعل سفيرنا عبدالحافظ إبراهيم يتدخل في عمل ليس من صميم اختصاصه.. هل السفير جمعية خيرية لحل مصاعب المعسرين.. حكاية الشيك الدبلوماسي تزامنت مع مناخ معادٍ للمستثمرين الأجانب.. هؤلاء المستثمرون الأجانب أصبحوا أقصر حائط يتم القفز عليه لتحقيق ثراء عريض.. بات الآن الجمع بين المنصب العام والعمل التجاري أمراً عادياً في سوداننا هذا.. يفخر الوزير بأن له مزرعة تنتج ذهباً وقمحاً وتمني.. ولا يجد مدير مصنع سكر حرجاً أن تكون شركته الخاصة واحدة من الشركات التي تقدم خدماتها إلى (مصنعنا). تخيل عزيزي القاريء أن السيد السفير المبجل سيعود إلى مكتبه بسفارتنا كالمعتاد.. وسيطلب في هذا الصباح وعلى حساب دافع الضرائب السوداني فنجان قهوة لنفسه وربما لمستثمر سعودي جديد ما زال يثق في أهل السودان. عزم خادم الحرمين الشريفين على تحقيق بادرة الأمن الغذائي السعودي.. المبادرة تقوم على استزراع أراضي زراعية خارج المملكة العربية السعودية.. رأسمال المبادرة المبدئي أكثر من خمسة مليارات دولار.. السودان ثاني دولة بعد أثيوبيا تضع عليه السعودية آمالها.. هل في هذا المناخ وبهذه الدبلوماسية يمكن أن نقنع رؤوس أموال عربية بالمجازفة والاستثمار في بلدنا. أخي شيخ علي عثمان ما زال فيك الرجاء.. أطلب هذا الملف وانظر فيه..