الحقيقة التي يعيشها حزب المؤتمر الشعبي تقول غير ما يقوله نظامه الأساسي فالحزب جاء نظامه الأساسي واضحا حيث تأسس على الشورى والديمقراطية , ولكن هذا لا يحدث , وإذا رجعنا إلى الوراء قليلاً نجد أن مبررات الأمين العام للمؤتمر الشعبي في المفاصلة ترتكز على انعدام الشورى داخل المؤتمر الوطني , ورفض الرئيس لانتخاب الوالي وانه لا توجد حرية للاختيار , هذه كلها ادعاءات الترابي فيما يخص طلاقه مع المؤتمر الوطني , ولكن هل هذه الشورى والحرية والديمقراطية موجودة داخل المؤتمر الشعبي ؟ الاجابة لا طبعاً , حيث أن الترابي ما يزال يفرض آراءه على تابعيه , ولا يتحدث احد عندما ينطق , وعندما تسأل أي واحد لماذا يقول لك انه الرجل العالم المفكر . وان ما يتميز به الترابي من إمكانات وقدرات سياسية وفكرية تجعل الجميع أمامه كالحيران أو الأطفال الذين لا حول ولا قوة لهم وهو بهذا الفهم الذي يعتقده فيه أتباعه يصبح الترابي كل شئ في الحزب , يعد البرامج ويضع النظام الأساسي , ويستخدم ألفاظاً وعبارات تذهل تابعيه , ومن هنا تأتي الطاعة العمياء والولاء الشديد , وهذا السلوك منهم يصل إلى حد التبجيل تجاه شيخهم ويجعلهم رهينة في سور التفكير الاحادي , ويؤدي هذا إلى عدم تطور الحزب , ما دام هناك رجل واحد يحرك الأتباع في الاتجاه الذي يريد إذا خاصم يخاصمون بمبرراته وإذا صالح يصالحون بمبررات أخرى , وإذا أراد الترابي مثلا أن يصالح الحكومة الآن رغم الخصومة القائمة فانه قادر أن يقنع أتباعه على مصالحة النظام . ولكن هناك عدد غير قليل من الذين تركوا الرجل ( الترابي ) وانضموا إلى المؤتمر الوطني , وكان لهم آراء تتعارض مع ما يراه الترابي , ولكن الترابي عمل على الاستخفاف بهم وتهميشهم , بل وأحيانا يصل الأمر إلى حد التشهير بهم لاغتيالهم سياسيا ومعنويا . والشئ المستغرب الآن أن الترابي يقود حزبه للتحالف مع الحزب الشيوعي , هذا الحزب الذي لم ولن يقترب يوما من آراء الترابي , ولكن الترابي مع هذا يضع يده على أيديهم لمحاربة خصمه المؤتمر الوطني الذي وان تفاصل معه الترابي إلا انه ما يزال يعلن تمسكه بإقامة الدولة الإسلامية , والشئ الذي لا نجد له مبرر هو سكوت قيادات الحزب من الإسلاميين على هذا , وهذا يقرأ بأحد أمرين , الأول أنهم يوافقون الترابي على خطواته هذه , وهذه مصيبة والأمر الثاني أنهم لا يستطيعون مواجهة الترابي والتصدي لمحاولات التحالف مع الشيوعيين والعلمانيين , وهذه مصيبة أعظم , لان هذا يدلل على أنهم عبارة عن كومبارس في حزب لا يقوده إلا رجل واحد , لا يريهم إلا ما يرى .