نواصل في هذه الحلقة الثالثة من طرائف الجيش من الحكاوي الطريفة التي استقيناها من الإخوان اللواء البيلي والعميد محيي الدين إبراهيم خليل والعقيد أمين عبد العزيز، ونبدأ بطرفة أبو كلام الأمين منير عريف الإدارة بالحرب الكيماوية والتي حدثت بعدما تكلم العميد محيي الدين مع المستجدين في حضور العريف أبوكلام وخلص في كلامه إلى قوله (شدوا حيلكم وإلا أنا حأحلق ليكم شنباتكم وحواجبينكم ديل) وانصرف إلى مكتبه، وفي صباح اليوم التالي حضر محيي الدين للميدان للوقوف على سير التدريب وإذا به يفاجأ بمستجديه بلا (حواجبين ولا شنبات) فسأل العريف أبوكلام (ده شنو الحاصل ده)، فرد عليه العريف أبوكلام قائلاً: (ما سمعوا الكلام وما شدوا حيلهم). عادة ما تكوّن لجنة برئاسة كبير المعلمين بكلية القادة والأركان لتشرف على الامتحانات والتصحيح وما إلى ذلك، وكذلك كان العهد دائماً أن يتم صرف حوافز لأعضاء اللجنة ودائماً ما كانت تصرف قبل (عيد الأضحى)، وذات مرة كانت اللجنة برئاسة العميد سليمان غندور إلا أن الحوافز قد تأخرت وكان محيي الدين وقتها رئيساً لشعبة التحضير، فجاءه العقيد عمران غاضباً وغير راضٍ عن تأخر صرف الحوافز فقال له محيي الدين إنت ما سمعت القائد قال: (كل شيء لله؟)، فقال العقيد عمران (ما في كلام زي ده نحن مرتزقة وبنشتغل بلا أجر). في زمان ما قبل تحريم الخمور في البلد خاطب ضابط نقل إلى وحدته الجديدة، جنود تلك الوحدة في أول لقاء معهم وقال لهم (لو في زول جابوه لي سكران يقنع من نفسو ومن العمل معاي)، فقال له الصول خلف الله تمتام (يا سيادتك نحن السكر ما بنخلي وأمر التحرك الجيت بيهو ده ترجع بيهو لا نضبحك لا تضبحنا)!! عندما كان البيلي ضابطاً بالاستوائية قرأ على جنوده خبراً بإحدى الصحف عنوانه مقتل 43 شخصاً في بحر يومين بالاستوائية، فقال له رقيب أول السرية (أنا شغال لي ثلاثين سنة في الاستوائية دي ما سمعت بحتة اسمها «بحر يومين»). ذات يوم حضر الطالب محمد عثمان الطيب متأخراً عن موعد الطابور بالكلية الحربية وحاول دخول الصف من الخلف خلسة فلمحه الصول حميدان فقال له (الطالب البتلفت زي المرفعين الأصبحت عليه الواطة يطلع بره)!! ومن طرائف تعلمجية الكلية الحربية أيضاً أقوال الرقيب أول عبد الله فرح والذي كان الطلاب يلقبونه فيما بينهم ب(الرقيب أول دكتور مهندس فيلسوف عبد الله فرح)، لأنه كان دائماً ما يتحدث بلغة كلها (كلام كبار كبار)، وذات مرة سأله أحد الطلاب (إنت ليه يا فندم لبسك دائماً أخضر ولامع ما زي باقي التعلمجية؟)، فرد عليه الرقيب فرح بقوله (أنا لما أغسل اللبس بتاعي ما بشرو في الشمس بشرو جوه عشان ما يفتقد الكلوروفيل بتاعو). تصادف أن كان بكلية القادة والأركان مجموعة الضباط محيي الدين وعصمت وعبد الرحمن زين العابدين وعمران زين العابدين وعبد الحق خالد عبد السلام وكانوا جميعهم من أصحاب اللون الفاتح (حلب يعني)، ومر عليهم واحد من الضباط الدارسين وقال لهم (ده كلية القادة والأركان والّا الكلية الإنجيلية). وبمناسبة اللون الفاتح كان للعميد محيي الدين إبراهيم خليل زميل من دفعته اسمه الفحل من أبناء الجزيرة وكانا ضابطين بمدرسة المشاة بجبيت، وكان ذلك الضابط كثير المداعبة والمكاواة لمحيي الدين(إنتو حلبة خوافين ساكت)، و(إنت حلبي قلبك كبير)، وما إلى ذلك وذات يوم أصيب محيي الدين بجرح كبير وغائر في ساعده الأيمن وكان ينزف بغزارة وذهب برفقة زميله (الفحل) إلى العيادة وقرر الطبيب تنظيف الجرح ببنج موضعي، إلا أن محيي الدين (ركب راسو وشالتو الهاشمية) وأصر على خياطة الجرح بدون بنج، وإزاء عناده قام الطبيب بالاستجابة لطلبه، وبعد انتهاء العملية قال له الفحل (الرجالة مكملها يا أبو الديم إلا ضاريك لونك). ضحك اللواء البيلي والعميد محيي الدين عندما تذكرا حكاية زميلهما بالدفعة 24 والذي كانت حفلة دخوله الكلية بالكابلي، وأنه عندما حضر للكلية (جا لابس بدلة وكرفتة) وتوجه مباشرة إلى (الطابية) محل رئاسة الكلية وجلس مع المعلمين، ضيفوه وجابوا ليه شاي وقهوة ومن هناك طوالي على الميدان بي بدلتو وكرفتتو طايرة قدامو ومن ديك الجماعة سموه (اللواء). عندما كان التعلمجي ضيينا محمد دبركة (بتكلم كلام فارغ بتاع عسكرية) مع الطالب جمال يوسف الدفعة 29 قال له (يا طالب أنا لو ضربتني طلقة دمي بكتب شنو؟، بكتب قوات الشعب المسلحة، وانت لو ضربتك طلقة دمك بيكتب وسط الزهور متصور). ومن التقاليد المتبعة في التمارين والتدريبات أن يصيح الطلاب أو الجنود وبصرخة (يااا)، وذلك لبث النشاط والحماسة في نفوس المتدربين مع كل حركة، وعندما كان الفريق عبد العظيم صديق رئيس هيئة الأركان الأسبق ضابط برتبة النقيب في القيادة الغربية، أحضر له رئيس السرية أحد الجنود محروساً وأدخلوه المكتب ولم مثل (المكتب) أمامه والذي كان عادة ما يتكون من قائد المكتب والحرس والجندي أو صف الضابط (المدخلنو المكتب)، سأل النقيب صديق عن سبب المكتب، فقال الرقيب (لما عملنا صفا ما قال يااا)، فما كان من النقيب صديق إلا أن (رَزَعْ) العسكري بسببه يوم حبس قشلاق وسبعة أيام طابور ذنب، وسبعة أيام قطع ماهية، ومرت الأيام والشهور والسنوات وعاد الضابط صديق لذات الوحدة من جديد بدرجة (قائد ثاني)، وكان ذلك العسكري قد صار برتبة رقيب وحدث أن تقدم بطلب إجازة اضطرارية تقتضي إدخاله مكتب (قائد ثاني)، نادى الصول المسؤول عن دخول المكتب قائلاً (مكتب إإإنتباه) (ومع دقة الرجل «رت» في الواطة) إذا بالرقيب يصرخ (يااااااااا)!! كان اللواء عبد السلام واحداً من ظرفاء الجيش وكان دائماً (بنكت) مع نميري، وذات مرة سأله د. بهاء الدين محمد إدريس انت قائد حرس الرئيس وما بتشيل سلاح مالك؟، فقال له أنا مسلح بفكر مايو. من التقاليد الجميلة التي كانت في معسكرات الجيش ما يعرف ب(شيخة المعسكر) وهي امرأة كبيرة ووقورة ونظيفة يتم اختيارها من بين نساء صف الضباط والجنود وتكون مسؤولة عن نظافة البيوت وكل المشاكل على مستوى الأسر والأطفال وما إلى ذلك، وعندما كان العميد محيي الدين قائداً لإحدى الفصائل وهو ضابط صغير في رتبة الملازم، أتته شيخة المعسكر وقالت له (العسكري أحمد أبوسنكي عايز يعرس فوق مرتو)، فنادى محيي الدين الجندي المذكور وسأله عن السبب، فقال له أبو سنكي (مرا إن فركت ملاه تسوي أم تشرورة وإن آست كسرة تسوي أم دشيشة تابا سخَّانا وتابا دخانا، أجي من الشغل القاها مكومة فوق السرير ريهتا تقول كَوَلاية)!! في حصص التدريب العسكري من طوابير بيادة أو أسلحة هناك اكليشيهات محفوظة عادة ما تبدأ بقول المعلم (الحصة أعلمكم الدرس الأول من دروس البندقية الفك والتركيب وذكر أسماء الأجزاء)، مثلاً أول الحصة أعلمكم الدرس الأول من دروس البيادة صفا وانتباه وهكذا، وعندما يصل المتدربون لدرجة معينة من الإجادة يتم تدريبهم على أن يقوموا بالتعليم بأنفسهم، وحدث أن أمر أحد المعلمين واحداً من الطلاب بالكلية الحربية ليقوم بتعليم فصيلته واحداً من دروس السلاح، فوقف الطالب الذي كان قد سها عن عبارة (الحصة أعلمكم)، فقال بدلاً عنها (الليلة عندنا...)، وقبل أن يكمل قاطعه التعلمجي بقوله أنا أربعة شهور واقف قدامكم هنا سمعتني يوم واحد بقول الليلة عندنا.. عندكم شنو؟ عندكم ملوخية ولا عندكم فاصوليا والّا يمكن عندكم قيدومة.