أكد البروفيسور عبد الله الصادق علي المدير العام للهيئة القومية للمساحة ورئيس اللجنة الفنية لترسيم الحدود على أن السبب الأساسي لتأخير ترسيم الحدود بين السودان ودولة جنوب السودان هو عدم وجود الإرادة السياسية لدولة جنوب السودان، وقال إن عملية الترسيم غير معقدة وسهلة التنفيذ، وأشار إلى أنه حتى الآن لم تضع اللجنة أي علامات أسمنتية على الحدود كبداية للترسيم على الأرض لتعنت ومماطلة حكومة الجنوب، مؤكداً الاختلاف على أربع مناطق فقط بين السودان ودولة الجنوب في أطول حدود أفريقياً، يبلغ طولها «2» ألف كيلو متر مربع، فإلى مضابط الحوار: ماذا عن عمليات الترسيم للحدود بين الولايات داخل دولة السودان وحدوث بعض المشكلات، وأشير هنا إلى خلاف منطقة سماحة على حدود كردفان ودارفور؟ - هذا أمر آخر وهي حدود داخلية لا صلة لها بحدودنا الخارجية ولديها لجنة الآن كونها الأمين العام لمجلس الحكم اللا مركزي البروفيسور الأمين دفع الله، وهذه اللجنة معنية برسم الحدود بين الولايات، وفعلاً هي الآن تباشر عملها وجزء كثير من الحدود بين النيل الأبيض وشمال كردفان تم رسمه وتوقفنا لبعض المشاكل وبدأنا في العمل في ولاية جنوب كردفان وجنوب دارفور، والآن الخطة مستمرة وسوف تتم معالجة أي مشكلة طارئة بالتنسيق مع مجلس الحكم اللا مركزي والذي لا يألو جهداً في حل المشاكل بين المواطنين والسكان على حدود الولايات خاصة بعد ظهور الثروات المعدنية والاستفادة منها والرعي والزراعة فيها مسببات للخلاف، ولكنه مقدور عليه بعد رسم الحدود لحقن دماء الناس وتقليل الاشتباكات والقتال من أجل الأراضي. بمناسبة ظهور الثروات المعدنية مثل الذهب والبترول في بعض مناطق الولايات الحدودية المتداخلة والصراع عليها، هل شكّلت عملية الترسيم مشكلة بالنسبة لكم؟ - أبداً لا تشكل هذه العملية مشكلة بالنسبة لنا كهيئة قومية للمساحة ونقوم بذلك بكفاءة عالية جداً، وأؤكد للشعب السوداني أن هذا العمل بترسيم الحدود بين الولايات نستطيع أن ننفذه دون محاباة أو تحيز، وأنا أدرى بكيفية المشاكل في الدول الأفريقية الأخرى عن ترسيمها للحدود الداخلية والمشاكل الناجمة عن سوء الترسيم، ولكن نحن لدينا الخبرة والعملية والوثائق، فالهيئة العامة للمساحة السودانية يجب أن لا ينسى الناس أن عمرها «112» سنة، فنحن أقدم هيئة مساحة في أفريقيا ونحن الذين ساهمنا في ترسيم ورسم خرائط لكثير من الدول الأفريقية، لهذا أؤكد بأننا سوف نقوم بعملنا بكفاءة عالية... مقاطعاً: بمناسبة عراقلة الهيئة العامة للمساحة وخبرتها الطويلة في مجال الترسيم والخرائط، لماذا ظلت مشكلة الحواكير والأراضي المتنازع عليها في السودان قائمة، بل شكلت بذرة خلاف أدت إلى حروب؟ - ما ذهبت إليه صحيح، وهذا نظام قديم كان يجب أن يراجع، وما يحدث فيه من خلل ومشاكل ليس في المساحة أو بسببها لكن في نظم إدارة الأراضي بالسودان وتداخلها مع نظام الإدارة الأهلية سابقاً في نصف القرن الماضي أو السبعين سنة التي مضت، وعملية تنظيم إدارة الأراضي بالسودان وتوزيع هذه الأراضي وفقاً لخرائط مدروسة ومعروفة، هذه مشكلة إدارة الأراضي وليست مشكلة المساحة رغم أنها أحدثت الكثير من المشاكل التي أعاقت عملية التنمية والاستقرار في البلاد ولكن هناك فرصة لتصحيح هذه الأخطاء التي ارتكبتها النظم الإدارية السائدة في السودان لحل هذه المشاكل ويصبح السودان كله موجوداً في خارطة مرسومة ومخططة ومحتفظ بها في الوسائل الحديثة الالكترونية يمكن الرجوع إليها في حالة الاختلاف. عودة إلى حدودنا الدولية، ماذا عن حدودنا مع دولة الجنوب الوليدة وتعليق قضية الترسيم برأيك ما هو الحل؟ - على خلفية ما ذكرت أكرر ليست هناك مشكلة فنية، فقط على الجهة التي تحكم في دولة الجنوب أن تدرك أهمية ترسيم الحدود لها كدولة وليدة وأن الترسيم للحدود ضروري لتبدأ في عملية الاستقرار والتنمية، وبالتالي الإدارة السياسية لها لابد أن تكون إيجابية وقوية في اتجاه ترسيم الحدود مع دولة السودان ودون تعطيل أو إثارة عراقيل وهي الحاكم الأول والأخير. برأيك بعد احتلال حكومة الجنوب لمنطقة هجليج وادعاء رئيسها سلفاكير بأنها منطقة جنوبية وكذلك أبيي، كيف ترى ذلك وأنت خبير في مجال الحدود والترسيم خاصة و انها ظهرت في خريطة دولة الجنوب كمنطقة جنوبية؟ - ذكرت من قبل في حديثي أن هناك أربع مناطق اتفق عليها الجانبان ووقع عليها وتم رفع أمرها لرئاسة الجمهورية وهي محل خلاف واختلاف، أما هجليج فلم تذكر أبداً كمنطقة اختلاف في طاولة المفاوضات ولم يؤتَ بها إلا بعد الانفصال في أديس أبابا، وأبيي لها مفوضيتها وتم الحكم فيها في محكمة العدل وقالت أيضاً إن هجليج لا تقع في الجنوب بتاتاً، إذن حديث سلفاكير مزايدة سياسية ليس إلا!! ماذا عن حدودنا الدولية مع دولة أثيوبيا وخلافنا على منطقة الفشقة ولم يتم الترسيم بعد، كذلك مثلث حلايب مع مصر وأم دافوق مع أفريقيا الوسطى وما هو الموقف الآن؟ - الحدود مع أثيوبيا هناك لجنة تعمل وأنا رئيسها، وهناك تفاهم تام وعمل جاد لترسيم الحدود وأجازت اللجنة السياسية المشتركة بين البلدين تقرير اللجنة الفنية لترسيم الحدود للمسح الاستكشافي ورفع لرئاسة البلدين وأمروا ببداية العمل، ونحن متوقعون في أي لحظة في شهر مايو الجاري هذا أن تذهب اللجنة إلى الميدان وتنصب الحدود حسب ما هو موجود في الاتفاق الذي توصل إليه البلدان وليست هناك إشكالية. وعن حدودنا مع ليبيا ليست هناك إشكالية والحدود مستقرة تمام، كذلك مع الجارة تشاد هي أيضاً مستقرة وبيننا وأفريقيا الوسطى، هناك إشكال بسيط في منطقة أم دافوق ونعمل على حلها، أما في مصر في مثلث حلايب فالملف ما زال موجوداً ولكن بعد تغير النظام في مصر وعدم استقرارها حتى الآن، يظل محل الانتظار للحل لكن الآن المشكلة الكبيرة هي حدودنا مع دولة جنوب السودان. هل يمكن القول الآن إن لدينا خارطة جغرافية للسودان خالية من المشاكل الحدودية ما عدا حدودنا مع دولة الجنوب؟ - الخارطة الجغرافية الآن موجودة ومعتمدة بشكلها الجديد بعد انفصال الجنوب وتم إرسالها للأمم المتحدة، وكما ذكرت لا توجد مشاكل كبيرة غير التي هي ماثلة أمامنا على طاولة العمل مع دولة الجنوب ونحاول أن نجد لها الحل بتوفير الإرادة السياسية. وأنا أريد أن أقول للشعب السوداني عبر صحيفتكم إن عملية ترسيم الحدود سهلة ومباشرة وليست معقدة، ونحن لدينا خبراء لهم الدراية والعلم بالقيام بما هو مطلوب منهم. أنتم كمفوضية لترسيم الحدود، هل هناك تأثير مباشر للحكومة في أداء عملكم؟ - هذا اتهام وجه إلينا كثيراً لكن أقول نحن كجهة فنية السلطات العليا ليس لها أي تأثير علينا، نعم هي تمدنا بالمال والسيارات لإدارة عملية الترسيم للحدود، لأنها الجهة المسؤولة سياسياً وتنفيذياً لكن لا تؤثر علينا في العمل، فنحن خبراء وفنيون لنا احترافيتنا، وما يقال في المعارضة أو الميديا العالمية ليس صحيحاً، وهذا حديث غير وارد ونحن نعمل بطريقة عملية واضحة مبنية على تجارب وخبرة من الدول العالمية، ونحن مؤهلون وكل ما يقال هذا حديث لا أساس له من الصحة ونحن طيلة هذه السنوات كنا نعمل بما تمليه علينا الجوانب الفنية والمهنية لعملية ترسيم الحدود. على خلفية هذا التاريخ التليد لهيئة المساحة وتوفر الخرائط والوثائق لماذا لا تكون حاسمة في مثل هذه الخلافات الحدودية، خاصة وأنها موجودة ومحفوظة لديكم؟ - صحيح هذه حقيقة، فلدينا الخرائط والوثائق منذ الإنجليز، وكل الاتفاقيات ولوائحها التي توصلنا إليها مع حكومة الجنوب بنيت على هذه الخرائط والمستندات الموجودة لدينا وتلك التي كونت لها لجنة لدراستها حتى في بريطانيا في دار الوثائق، ونحن لدينا مكتبة كاملة نحتفظ فيها بكل الوثائق. بالنسبة لكم كخبير في الترسيم والحدود، هل لديكم مشاركات إقليمية دولية في مشاكل الحدود؟ - نعم بالنسبة لي كخبير في الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي شاركت في العديد من الورش والسمنارات للعديد من مشاكل الحدود للدول الأفريقية، ونحن نجتمع في دول كثيرة مثل أديس أبابا، موزمبيق، ناميبيا وتعرض علينا بعض الواجبات وندلو بآرائنا فيها وطريقة الترسيم وتكوين الأتيام وكتابة التقارير ويخرج منا كخبراء إلى برنامج الأممالمتحدة للحدود ثم إلى الطرفين المختصمين من أي دولتين أفريقتين لترسيم حدودها ويعمل بالذي أشرنا إليه في تقاريرنا. ما هي القوانين الدولية التي بواسطتها تتم عملية الترسيم؟ - معروف أن هناك القانون الدولي للحدود، فنحن لدينا خبرات ضليعة في القانون الدولي للحدود ولدينا في اللجنة الفنية لترسيم الحدود اثنان من أميز الخبراء في القانون الدولي وهم دكتور معاذ أحمد تنقو ودكتور بخاري الجعلي، ولهما خبرتهما الدولية المشرفة في هذا المجال القانوني، لهذا لم نجد مشكلة في الجانب القانوني.