ونحن في لجة بحور الوطنية.. وبين دفات مراكبها نقاوم امواجاً من التمرد والحقد... وقد شغلتنا «هجليج» بصرخاتها تحت أنين الاحتلال الجنوبي الغاشم في الايام الفائتة.. ربما لم تفلح كل ضغوطات الحياة في شد انتباهنا من تلك الساحات.. ايقظت فينا الروح القتالية.. فما عاد ل «غلاء الأسعار» وهجه ذاك الذي كان يفرضه على مجريات الأحداث الحياتية اليومية.. والمرتب - بالكاد - يكفي للتحليق بنا في سماوات الشهر.. فنصل نهايته بعد تقصف الريش والاجنحة... وما نكاد نسقط.. حتى نتشبث ب «ريشات» من المرتب الذي يليه.. { أما وقد انبنت طموحاتنا على هذا «المرتب»الذي نناله نهاية كل شهر.. فلا بد أن يكون تحته - أي المرتب - خط أحمر.. فبالرغم من الاسلوب الاداري الذي يهتم كثيراً بالاجور... خصوصاً صرفها في مواعيدها - إن لم يكن قبلاً - وبالرغم من أن مصرف الادخار للتنمية يبذل قصارى جهده في توفير خدمة مميزة.. إلا أن نهاية شهر ابريل مثلت كابوساً بالنسبة لنا..! { في يوم الاربعاء الثاني من مايو الجاري صدر شيك من الصحيفة يحوي مرتبات موظفيها للمصرف - كالعادة - وعندما ذهبنا حاملين بطاقات الصرف الآلي لنحصل على «قروشنا»، وجدنا أن هنالك مشكلة في «الشبكة»..!! لا أعلم أي «شبكة» تلك..؟! لكنها مشكلة والسلام.. فأجلنا موضوع الصرف هذا ليوم الخميس.. والذي «حمنا »فيه على عدة صرافات بعد أن وجهنا موظف من مصرف الادخار بأن «نجرب» صراف آخر.. ثم.. لم تنجح كل محاولاتنا.. حدثت نفسي بأن الشبكة ستكون جيدة في الفترة المسائية.. وحاولت مساءاً.. دون جدوى.. اتصلت على رقم هاتف مطبوع على البطاقة.. فرد علي موظف بكل أدب واحترام وسألني عن تبعية البطاقة لأي بنك.. بعدها قال لي أن هذا المصرف به عطل فني وقد اخطرهم - أي البنك - بذلك على أن تعاود الخدمة صباح الجمعة.. على ذلك ذهبت لصاحب الدكان معتذراً عن تأخر الحساب.. وصاحب الايجار.. وصاحب.. وصاحب.. ثم عدت صباحاً بمعية الزميل المخرج الصحفي ياسر محمد بالزميلة صحيفة الشاهد.. وقد طفنا على أغلب صرافات الخرطوم.. أما الشئ الذي جعلني أتناول هذا الموضوع.. أنني وجدت صفوفاً يتأبطون بطاقاتهم في انتظار «الشبكة»..!! فلمصلحة من يتم كل هذا التأخير؟!! { ثم... في مساء الجمعة.. اخبرني ابن خالي «مهند» بأن هنالك صراف آلي به شبكة «قوية عديل كدا». وأخذني إلى بحري.. وكانت المفاجأة أن الصراف الآلي«ذو الشبكة القوية» ابتلع بطاقتي.. فلم يعد أمامي إلا انتظار يوم الأحد ليفتح المصرف ابوابه.. وعدت مرة أخرى اعتذر لصاحب الدكان.. وآخرين عن تأخير تسديد حسابي.. فمضى يوم الجمعة ذاك.. والسبت.. ثم الأحد.. ذهبت إلى المصرف.. ونلت راتبي... أخيراً...!! الشئ المحير أنني لم أجد من يعتذر لي أو للزملاء عن تلك «الجرجرة» التي إن بلغنا اعتذار عنها.. لتيقنا انها غير مقصودة... وبحسن نية.. ولكن.. حتى هذه اللحظة.. لم يحدث ذلك..! ولم يحدث كذلك لتلك الطوابير التي - لازالت - تنتظر أمام الصرافات الآلية..!! وبما أن (آخر لحظة) تقود حملة الشفافية.. فنحن كذلك نطالب بها.. وباحاطة الجمهور بكل هذه الاشكاليات.. حتى لا يسرح بنا الخيال فنبني آراءنا على معلومات غير دقيقة وبالتأكيد سيكون الناتج عنها بعيداً عن تلك «الشفافية» المزعومة..! { أخيراً .. نتمنى أن يصبح السودان في مصاف الدول المتقدمة.. والتي بدأت مشوار تقدمها هذا من الأساس الذي هو الاهتمام بجودة وسرعة الخدمات عموماً سواء في ذلك الحكومية أو الخاصة.. التعليمية منها والمصرفية.. والصحية.. ونسعى دوماً لنضع راحة المواطن نصب أعيننا.. فهذا المواطن «الكنز» الذي لمع بريقه خلال الأيام الماضية.. وأثبت أنه جدير بأن نوفر له سبل العيش الكريم.. وأن نضع بين أيديه كل المعلومات والتبريرات في حال حدوث خلل ما... في خدمة ما.. وبذلك نقطع الطريق أمام القيل والقال.. وما يصاحبها من استنباطات تكون - في أغلب الأحيان - خاطئة ومبنية على تحليلات ضبابية.. تدخلنا في أنفاق نحن في غنى عنها... وكل ذلك يمكن تفاديه بنشر ثقافة الإعتذار .. أسوة بما يحدث في عالم «ساس يسوس» من استقالات هذه الأيام..!