قضايا متعددة سيطرت على مجريات الأحداث داخل البلاد بصورة أو أخرى خلال الأسابيع الماضية وهي بلا شك قضايا أخذت من اهتمام الشارع واهتمامنا الكثير وهذا حال السودانيين وحال المؤمن إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، والسودانيون عرفوا بمواقفهم الصلبة وتكاتفهم غير المسبوق في القضايا الوطنية، وهذه ميزة لمجتمع عشناه ونحن عند المرحلة الوسطى بمدينة الفاشر مستصحبين كل القضايا الوطنية بدءاً من حرق العلم الإنجليزي- ثورة أكتوبر وانتفاضة أهل دارفور في يناير 1980، ولكن بعد تجوالي في العديد من مناطق السودان ومشاركتي في مناسبات كثيرة قومية جمعت كل ألوان الطيف السياسي والاجتماعي تأكدت أن هذه الميزة تجمع بين كل أهل السودان. وكانت هجليج ملحمة وطنية ستخلد في ذاكرة هذ الشعب غيرها من الملاحم الوطنية الناصعة في تاريخنا، غير أن الأهم هو كيفية توظيف السند الوطني الذي أحرزته ملحمة هجليج التي أفرزت مكاسب تعين هذا الشعب في تحقيق نهضته وفي تبيان مواقفه حيال قضاياه الوطنية لمجتمعنا الإقليمي والمؤسسات السياسية الدولية كمجلس الأمن والمؤسسات العدلية الأخرى كالمحكمة الدولية حتى نوصد الباب بحجة دامغة أمام محاولات دولة الجنوب المستمرة لتزييف ومغالطة التاريخ والواقع، مستفيدة من بعض التعاطف الدولي للتمدد في أراضينا وتحقيق مكتسبات أخرى خصماً على سيادتنا الوطنية. ما حدث في هجليج درس قوي أسهم فيه كل السودانيين من كبيرنا لصغيرنا، فهناك من قدم نفسه مجاهداً ومن دفع المال يبتغي به نصرة البلاد ومؤازرة حراس الأمة، فهو نصر يجب أن لا ندعه يمر دون أن نوظفه التوظيف السليم، وهنا لابد أن نحيي قيادات ورموز كانت لها بصمات واضحة في مساندة القوات المسلحة، الدفاع الشعبي، والمجاهدين وأخص هنا طاقم الوزراء الذين تركوا كل شيء وركلوا نعيم هذه الدنيا الفانية وتفرغوا لهذه المعركة الحاسمة حتى يتبين الخيط الأبيض من الأسود كالدكتور الفارس بن المسيرية د. عيسى بشرى والوزير الصادق محمد علي وآخرين لا يتسع المجال لذكرهم وأبناء قيادات الأمة. هناك قضايا شغلت تفكيري وصارت حديث المجالس سلباً وإيجاباً تشعب الحديث فيها كثيراً، مسألة الغلاء الذي طال كل السلع الاستهلاكية وأثّر بصورة مباشرة على حياة الناس اليومية وعلى قفة الملاح ودخل الأسرة السودانية وخاصة صينية الطعام، وهي مسألة يجب أن تتحرك فيها الدولة بالسرعة المطلوبة لإيجاد معالجات تعين المواطن البسيط صاحب الدخل المحدود وتسهل عليه شؤون حياته. في رأيي أن الحكومات الولائية والمحلية يقع عليها عبء كبير في طرح المخارج المطلوبة لتخفيف الضائقة المعيشية، لأن أثر الغلاء معظمه في الولايات وخاصة الولايات البعيدة عن المركز. محطة أخرى تتعلق بشأن أهلنا في دارفور ومنذ وصول الدكتور التجاني سيسي لرئاسة السلطة الانتقالية بصحبة الطاقم التنفيذي ونستشرف خيراً لوجود ثلة من أبناء الإقليم نحسبهم من الأخيار وهم يخوضون مرحلة من أهم الحقب التاريخية لدارفور بعد مخاض طويل استشرفنا مقررات الدوحة لصالح جمع أهل الإقليم لمرحلة البناء وإرساء دعائم التنمية المطلوبة لإنسان دارفور بعد صراع مرير وحرب أضرت بكل شرائح المجتمع، الأمل يحدونا فيهم لوضع بصمات واضحة يلمسها كل شاخص لخارطة دارفور في عهد الدكتور التجاني سيسي ولكن ما يقلقني أن هناك أصواتاً تتحدث بأن الدكتور التجاني ربما يترك السلطة الانتقالية ويذهب، وبحكم معرفتي له حاكماً سابقاً لإقليم دارفور، أنه لن يقدم على خطوة كهذه وهو رجل صبور وملم بتفاصيل القضية ويريد أن يقدم شيئاً لأهل دارفور، وهذا ما دفعه بأن يأتي ليوقع اتفاق السلام، وهناك فرق ما بين مرحلة الدكتور التجاني سيسي ومرحلة الأستاذ أحمد إبراهيم دريج الذي ذهب غير مأسوف عليه وترك تلك الأمة التي خرجت لاستقباله إبان تطبيق الحكم الإقليمي لولايات السودان، خرج ولا حس له ولا بريد يفيدنا أين هو الآن، والرسالة المهمة أن مجتمع دارفور بحاجة لاستقرار ومناخ الإشاعات لا يساعد الحكام في بلوغ هذه الغايات، نريد من الكل أن يقف مع السلطة الإقليمية ويعينوهم على خدمة قضايا إنسان دارفور وإعادة دارفور سيرتها الأولى.