٭ ظللت طوال الأسابيع الثلاثة الماضية اتململ في إجازتي السنوية التي قضيتها بمدينة «دبي»، لأن الأحداث الساخنة داخلياً كانت مغرية لي بأن أحشد حروفي وكلماتي وكنانة أقلامي، لأكتب عنها وهي ملاحم تستحق أن نقول فيها من الكلام ما هو مرسل، أو مقفى، بدءاً من معركة استرداد هجليج الكرامة والعزة، وانتهاءاً بتحدي ضخ البترول في شريان الاقتصاد السوداني، والذي أكد من تصدوا لهذه الملحمة، أن الفرد السوداني إذا أراد شيئاً أن يكون فهو لا محالة سيكون، لكن دعوني أقول إن غصة في حلقي ومرارة غيرت من مذاق حلاوة هذا الانجاز، هي التي بدلت خط سيري لأكتب عن «الخيبة» والوكسة، قبل أن أكتب عن الانتصار والاعجاز.. والخيبة والوكسة جسدت معانيها بكل ما تحمل الكلمة من حروف شركة سودانير الناقل الوطني، الذي يحمل علم السودان ليطوف به مطارات العالم كأسوأ «سفير» يلطخ وجه البلد، ويمرمط بسمعتها بلاط صالات المغادرة والوصول في مطارات الدول المختلفة، ولأني طولت من السفر على متن سودانير قرابة العشرة أعوام أو أقل، كنت اسافر عبر المصرية أو الكينية أوالأثيوبية.. غادرت هذا العام عبر بوابتها، وكان أملي أن الحال تغير، وأنه جدّ في الأمر جديد، لكن ومن لحظات المغادرة التي سبقتها «عطلة» في المطار لمدة خمس ساعات هي عمر تأخر الرحلة عن ميعادها المضروب، أدركت أن سودانير تعدت مرحلة الموت الاكلينيكي وماتت وشبعت موت، لكن لا بواكي عليها، فالطائرة التي غادرنا بها كانت تشبه بصات بري في عهد مايو، والتي كنا نضرب بها المثل ونحن تلاميذ من «كلكعتها»، و«كركبتها».. و«شنات حالها» والمقاعد تتحرك من تحتنا تشكو عدم التنجيد، والتثبيت وأحزمة الأمان، خرج أحدها في يدي، لأطير دون أن التزم بربطه لنصل مطار الشارقة بفضل الدعوات التي ظللنا نرددها لنصل سالمين، أما رحلة العودة فحدث ولا حرج، إذ إننا «تلطعنا» في مطار الشارقة من «الساعة حداشر» قبل منتصف نهار الجمعة لنغادر السادسة مساء بذات الطائرة «بص بري»، وعند وصولنا للمطار أدركنا أن سودانير ترفع شعاراً جديداً على شركات الطيران عنوانه، إما أن يصل الراكب أولاً أو عفشه ووصلنا وقيل لنا عفشكم الاسبوع الجاي، ويا قلبي لا تحزن! وطالما المسألة فيها «جرجرة» فدعوني اجرجركم لزاوية الغد واحكي لكم كيف وصلت شنطنا بعد أربعة أيام. .. كلمة عزيزة: ٭ ما أن دخلت مطار الخرطوم إلا وسألت وين صلاح عمار، وهو لمن لا يعلم هو مدير المطار، الذي غير من وجهه الكالح وبهتان جدرانه، وأقام مواقف العربات، لأن حالة المطار المتهالك جعلتني أدرك أن الرجل غير موجود، فعلمت أنهم أقالوه وعينوا غيره ودي براها قصة ثانية سأعود لها لاحقاً. .. كلمة أعز: ٭ أحدهم كتب على ظهر المقعد داخل الطائرة «سودانير ماسورة» فيا أخي الكريم ظالم الماسورة مالك؟.