لم يكن يخفى على أحد حب «طارق» المجنون للمال رغم نشأته في بيئة فقيرة ومحاولات «أمه» اليائسة في جعله يرضى بنصيبه وقسمته في الحياة.. والالتفات لدروسه حتى يحصل «بالعلم» على مايريد، لكنه كان شديد التذمر والتأفف من وضعه، ولا يهتم لدروسه، ويبحث دوماً لنفسه عن الأعذار كيف أدرس في هذا الجو؟.. وما فائدة التعليم؟.. وكم سأجني إذا تخرجت في الجامعة؟.. وبعد كم عام سأحصل على منزل وسيارة فارهة مثل صديقي «أحمد»؟.. .. كان «طارق» وسيم الطلعة.. رياضي من الطراز الأول.. يجيد معظم الألعاب، ويقضي جل وقته في اتقانها وكان لا يصادق إلا أولاد «الأغنياء».. ويتمتع بما يغدقونه عليه من أموال.. كان يحسدهم على نعمتهم.. وكانوا معجبين بقوته الجسمانية والبدنية وبشخصيته المشاكسة.. وكان دوماً يفكر ما السبيل للحصول على أموال كثيرة وسريعة؟.. لقد كان طموحه وتطلعاته تشي بدواخله، ولا يمكن أن تفوت على «حاج علي» والد «أحمد»، الذي طلب منه- بعد إلحاح من ابنه- أن يحضر الى الشركة ليقوم بتوظيفه..! ماذا تريد أن تعمل فرد بسرعة «أن أصبح ثرياً».. ضحك حاج علي، وعرف أن الصيد أقرب للشرك..! اشترى «طارق» ملابس جديدة وموتر سايكل.. وأصبح موظف «تسويق» لمنتجات الشركة.. بعد أقل من عام، ظهرت آثار النعمة على طارق، فنقل أمه من الحي البائس القديم، وامتطى عربة ذات دفع رباعي.. وأصبح يكثر من السفر الى الأقاليم..«الحمد لله» كثيراً ما تردد أمه عبارات الشكر والدعاء لابنها الذي أسقطه الحسد وعدم الرضا في براثن أكبر تجار المخدرات في المنطقة، والذي أشبع نهمه للمال بأن أصبح مروجاً.. ولكن الذي يخون المبادئ، لا يأنف أن يخوض في الأوحال أكثر من مرة، أعماه الطمع.. وخان «معلمه» واشترى الشحنة لصالحه، وقبل أن يعبر نقطة التفتيش أدار المعلم قرص المكافحة التي أسقطت الشاب في كمينها المحكم.. حاول الفرار فانقلبت العربة.. لقد استغاث من الرمضاء بالنار، ومن عقوبة الأرض الى عقوبة السماء!!.