نفسح مساحة «الإضاءات اليوم» للمهندس صديق بشير العاص الخبير بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس وخبير الكشف والتسوية في هيئة الرقابة على التأمين بالسودان، ليكتب عن أسباب حوادث المرور في الطرق السودانية، التي أصبحت الآن واحدة من أكثر«الحروب» دموية في بلادنا تفوق ضحاياها من الأنفس كل الحروبات الأخرى، وصلة ذلك بمواصفات الطرق والسيارات التي تجري عليها، منبهاً لمسؤولية الدولة في هذا الصدد. المهندس العاص متخصص في مجال الميكانيكا وتخرج من معهد الخرطوم الفني سابقاً - جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا حالياً، وينطلق في تحليله لواقعنا المروري من خبرته العلمية وحسه الوطني، وما أحوجنا في هذا الوقت للمعالجات التي تنطلق من العلم والمعرفة والأصوات الحادبة على أمن الناس والوطن.. فإلى مقاله.. لعناية/ السيد طه النعمان - المحترم سبق أن تحدثنا كثيراً عن هموم هذا الوطن الرائع وعن أشياء مهمة للغاية تعرض هذا الشعب الطيب لمخاطر كثيرة وكبيرة وتحصد الأرواح بصورة مزعجة، وأصبحت هماً كبيراً يحتاج لدراسة مكثفة، وهي حوادث المرور المروعة، إذ لا يخلو طريق مرور سريع إلا و كانت فيه كارثة مرورية، وغالباً ما تكون تقارير شرطة المرور السريع تتحدث عن أن السبب هو السرعة الزائدة والتخطي الخطأ.. هذا سبب ولكن هناك أسباب أخرى خطيرة، وهي أن هذه النعوش المتحركة وأعني البصات القديمة التي تُستجلب من دول آسيا وكوريا على وجه التحديد بصات أكل عليها الدهر وشرب بعد سنوات عمل في تلك الدول وتُجرى عليها بعد التحسينات من دهانات وكراسي ثم يدفع بها إلى دول العالم الثالث، ولا مواصفة محددة لدخولها السودان، وبعد مصلحة النقل الميكانيكي أصبح السودان أرملة، حيث إن النقل الميكانيكي يقوم بدراسة أي عربة داخلة للسودان ويحدد أتدخل أم لا، ويكفي أن الكومر لازال يعمل في سحب العربات (ونش) لأن المواصفة كانت جيدة، ثم الهنتر والهمبر واللاندروفر وكثير من العربات.. ثم أتى دهر مات فيه النقل الميكانيكي أم قتل، ثم دخلت «الأمجاد والفيستو والتيكو والأتوس»، يعني مجموعة السيارات الصغيرة عربات تسير على زراعات بلاستيك في الدركسون مما يسبب الكثير من الحوادث وحصاد الأرواح، وهناك شيء خطير وهو اللساتك المستعملة والمستوردة وتقادم البصات، والأخطر من ذلك مواصفة الطريق حيث إن كل طرق السودان سبب مباشر في الحوادث بجانب ما ذُكر آنفاً، يعني عرض البص والشاحنة أكبر من عرض الطريق، ويحدث الاحتكاك والاصطدام والانقلاب والموت بالدستة، وأزيد بأن هناك حديث آخر عن إخلاء الطريق بعد وقوع الحوادث وأشير إلى أن هذا هو دور الدفاع المدني- في حالة الحوادث- وليس شرطة المرور؟ في كل الدنيا فإن الدفاع المدني هو الذي يتولى الأمور في هذه الحوادث، والأغرب أن هناك إحدى شركات التأمين الكبرى لديها عربة لاندكروزر (إسعاف) تقف في مكان ما بطريق المرور السريع الخرطوم مدني، وسؤال برئ كم يحمل هذا اللاندكروزر في حالة انقلاب بص يحمل خمسين راكباً في طريقٍ خالٍ من أي إسعافات رسمية سواء من الدفاع المدني أو شرطة المرور السريع (أو ناس أبو مروة)، سبق أن رأيت دفاراً يحمل موتى ومصابين في طريق الخرطوم مدني، وبعض البصات المسافرة إلى أي مكان تحمل أنابيب غاز مع عفش الركاب لأن المساعد والسائق يأخذون مبالغ أخرى زائداً التذكرة.. وإن أردنا السلامة فلنبدأ من مواصفة الطريق المعبد والسليم والمطابق للمواصفات العالمية بجانب مراجعة البصات، وأن تكون أعمارها لا تزيد عن 5 أو 6 سنوات على الأكثر. هذا بجانب الجسور التي تحدث فيها الكثير من الحوادث، وأحياناً كثيرة تسقط سيارات من الجسر إلى النيل أو الأرض لأن حواجز الجسور غير مطابقة لأي مواصفة، ومن المفروض أن يكون الحاجز أعلى من عجل حديد أكبر السيارات التي تعبر الجسر، وسبق أن سقطت حافلة قادمة من أمدرمان إلى بحري بجسر شمبات ومات كل من في الحافلة وعددهم 25 راكباً بجانب السائق والمساعد، وآخريات سقطت من جسر كوبر، والسؤال هل هذه الجسور تخضع لدراسة أم أن هذه الحواجز تكون بهذا الضعف والذي لا يصد موتر سايكل من العبور للنيل، والإصلاحات التي تمت في جسر شمبات ضيَّقت الجسر ولم تصلح الحال، وسؤال للمهندس الذي قام بعمل الحواجز ألم يفكر إذا ما تعطلت سيارة يقودها شخص واحد أو سيدة، فكيف يمكنه أو يمكنها أن تدفع السيارة إلى خارج الجسر؟! فكيف قامت أي جهة هندسية بهذا العمل وعلى هذا النحو بدون مواقف جانبية تسمح لحركة المرور بالانسياب، كما أن ممشى الراجلين يأخذ حيزاً أكبر مما يستحق، وسؤال آخر عن السيارات داخل الجسر.. ماذا لو أن سيارة احترقت، كيف الوصول إليها والطريق مقفول بالسيارات، تحترق وتحرق سيارات أخرى، فلماذا لا تكون هناك مواتر تحمل طفايات (12 كيلو) بدرة، كل موتر يحمل طفايتين يمكن أن تمر عبر السيارات المتوقفة لظروف السير ويمكن أن تقوم بعملية الإطفاء، أو أفراد دفاع مدني متواجدين طوال اليوم بجانب شرطي المرور في نهاية الجسر وبدايته أيهما أقرب، ولا داعي لعربة إطفاء تحمل ماء والبنزين في العادة لا يطفى بالماء. م. صديق بشير خبير الكشف والتسوية