وليس المعني هنا «أبشنب» الوارد ذكره في أمثالنا الشعبية، والذي هو القط الكبير، الذي إن غاب أفسح غيابه المجال ليلعب «أب ضنب» الذي هو الفأر. «أبو شنب» المعني في هذه الزاوية، هو أستاذنا، وصديقنا الصحفي الكبير ميرغني عبدالرحيم أبو شنب، أحد أبرز وأوضح الأقلام الصحفية الرياضية في بلادنا، وقد ظللت لسنوات طويلة أحرص على قراءة زاويته اليومية (بصراحة) أينما رحلت أو انتقلت، منذ أن بدأت- إن لم تخني الذاكرة- في صحفية «الأيام» الغراء، إلى أن استقر بها وبه المقام في صحيفة «أخبار اليوم» الغراء. كتب إلي الأستاذ ميرغني أبو شنب رسالة خاصة قبل أسابيع قليلة، لم اطلع عليها إلا مؤخراً إذ أنها وصلت إلى مكاتب الصحيفة يوم الخميس الثالث من مايو الحالي، وحدث أن انتقلت السيدة الفضلى والدتنا إلى الرفيق الأعلى في اليوم التالي، ولم أقرأ الرسالة إلا بعد انتهاء أيام المأتم وتقبل العزاء، وقد ألحق أستاذنا «أبو شنب» رسالته تلك برسالة تعزية رقيقة، يطلب إلينا أن نقدر ظرفه الصحي الذي يمنعه من الحركة، ومنعه بالتالي من أداء واجب العزاء.. وهو يعلم تماماً، أننا نقدر ذلك تماماً، ونقول له إن الفقد واحد. ظللت طوال يوم أمس، أحاول الاتصال بالأخ والصديق الإنسان ميرغني أبو شنب، وظل هاتف منزله معانداً لا يستجيب، فقد أزعجتني رسالته الشخصية الخاصة التي تسلمتها متأخرة عن موعدها المفترض بأيام، وأزعجني أكثر ما قرأته في زاويته اليومية المقروءة بصحيفة «أخبار اليوم» أمس، والتي جاءت تحت عنوان (استودعكم الله).. وفيها يودع قراءه بمناسبة سفره للعلاج بالأردن لإجراء عمليات جراحية تقدّر تكلفتها بنحو سبعة عشر ألف دولار أمريكي. مفردات «أبو شنب» يوم أمس حزينة، تتلاطم فيها الذكريات وتجيء مفعمة بالحزن والأسى.. والبعد الإنساني، خاصة وهو يتذكر ابنته الراحلة «هند» رحمها الله - ومعاناتها من مرض السرطان اللعين الذي خطفها وهي في ريعان الصبا والشباب، ويذكر معاناته الشخصية مع المرض الذي أقعده لأكثر من عام داخل منزله بعد أن ظل يعاني من تورم القدمين وعدم القدرة على الحركة. عجبت لأمر أستاذنا وصديقنا الجليل ميرغني أبو شنب، الذي كتب إليّ قبل فترة قصيرة رسالة خاصة، ينقل إلي فيها- لأنه يحبني ويثق بي ويداوم على قراءة ما أكتب، كما جاء في خطابه الإنساني الرفيع- إصابة ثلاثة من زملائنا في الصحافة الرياضية بالمرض، وسفرهم إلى الخارج للعلاج، وهم الأساتذة الكبار محمد أحمد دسوقي، وداؤود مصطفى وصلاح المبارك.. وجميعهم أصدقاء وزملاء، وقد كان يدعوني «أبو شنب» لأن أوظف علاقاتي وطاقاتي للمساهمة في أمر علاجهم، وقد نسي نفسه. نعم نسي نفسه، رغم أن صديقنا الفنان الكبير الأستاذ كمال ترباس بكى عندما وجده يعتمد في حركته على عجلة المعوقين. طلب إلي أبو شنب أن أدعو لتعيين وتخصيص جهة محددة تتولى أمر الإشراف على علاج الصحفيين. بالله عليكم أي نبل ونكران ذات وتجرد ذلك الذي يبقى مثل هالة النور في وجه وسمت وحركة الأستاذ ميرغني أبو شنب، الذي نسي نفسه وطالب بأن تتدخل الدولة لعلاج الآخرين!! «غاب أبو شنب» ونأمل أن يكون غيابه مؤقتاً، ليعود إلينا سليماً معافى لا يشكو علة ولا سقماً... اللهم اشفه وعافه وأعده إلى أهله وأسرته وأبنائه وأصدقائه وزملائه وقرائه ومحبيه مكتمل الصحة قوي الجنان والقلم والبنان، صحيح البدن لا يشكو، فقد عرفناه منذ سنوات طويلة شهماً كريماً (أخو أخوان) وزاملناه كثيراً فكان نعم الأخ والصديق والزميل.. «غاب أبو شنب» ونسأل الله ألا يغيب ب(شينة).. آمين .