تحت إشراف مباشر من الشهيد الشريف حسين الهندي، تكوَّن أول مكتب تنفيذي للمعارضة بدولة ليبيا الشقيقة، بعد أن انهارت الجبهة الوطنية بالمصالحات التي عقدها كل من الدكتور حسن الترابي، والسيد الصادق المهدي مع النظام المايوي، ليظل الشريف حسين في المنفى قائداً للمعارضة الثانية لحكم المشير جعفر نميري، حيث قام بمتابعة أول مؤتمر للحزب الاتحادي الديمقراطي بالخارج، والذي انعقد في طرابلس عام 1979م، ليتم انتخاب أول مكتب تنفيذي كان لي عظيم الشرف أن كنت أحد أعضائه ومسؤول التنظيم فيه حسب رغبة الشريف حسين الهندي، والتي نقلها لنا من داخل الاجتماع الأول للمكتب التنفيذي الأستاذ محجوب محمد عثمان، أطال الله عمره، وكان من بين أعضاء ذلك المكتب التاريخي عليه رحمة الله الأخ حسن دندش، والصديق مجدي حسن يسين وزير الدولة الحالي بوزارة المالية، والدكتور محمد خليل عكاشة، والعزيز عبد الوهاب خوجلي، والصديق سيد هارون الوزير السابق بولاية الخرطوم، وكان عمنا التيجاني الحدربي- عليه رحمة الله- هو رئيس اللجنة المركزية.. لقد تذكرت تلك الأيام ونحن في بداية خطواتنا السياسية وفي مقتبل الشباب، نتتلمذ على يد القائد المفكر الشريف حسين الهندي، الذي ملأ روحنا بالوطنية، وحب بلادنا من شرقها إلى غربها، ومن شمالها إلى جنوبها، كما أسهم كثيراً في تعميق مفهوم القومية العربية في نفوسنا، وعدم المزايدة والتفريط في كل ما يهم القضية الفلسطينية والشعب العربي بشكل عام، وأن تقف دائماً بقوة مع الشعوب المستضعفة لتحريرها من كل أشكال الاستعمار السياسي والاقتصادي.. لقد كانت المعارضة الثانية لنظام جعفر نميري قوامها الطلاب في كل جامعات العالم الخارجي، وركيزتها الأساسية الطلاب الاتحاديون الذين قادوا العمل السياسي في تلك المرحلة المهمة من تاريخ بلادنا.. ففي مصر الشقيقة كان هناك الدكتور أبو سبح، وعادل طيب الأسماء، والصديق العزيز حسن البطري المدير الحالي لصحيفة الصحافة، والدكتور دفع الله، وسنادة وآخرون.. وفي رومانيا كان العزيز عصام محجوب الماحي، وفي بريطانيا دكتور سيف الدولة محمد الماجد عليه رحمة الله، والصديق السماني الوسيلة، وعمر الجد، وعصام عبد الرحيم الريح، وآخرون في العراق، وفي سوريا، والولايات المتحدةالأمريكية، حيث ظلت الحركة الطلابية هي رأس الرمح في المعارضة الخارجية، وما كان الشريف حسين يلقي محاضراته إلا في المنابر الطلابية في بريطانيا، وأيضاً اليونان التي كان يقود العمل فيها الدكتور علي إبراهيم الذي أصبح اختصاصياً ويونانياً، ما زال يقيم هناك.الشريف حسين بذكائه اكتشف أن العمل السياسي وسط الطلاب والشباب هو المدخل الحقيقي لبناء الأحزاب السياسية، حيث أشرف بنفسه على تدريب عدد كبير من الشباب والطلاب وتعليمهم في أفضل الجامعات العربية والأوربية، ولكن للأسف الشديد بعد غيابه ورحيله في التاسع من يناير عام 1982م بالعاصمة اليونانية «أثينا» تبعثر ذلك العقد الفريد من طلاب الحركة الاتحادية، وآثروا جميعهم الابتعاد عن السياسة بعد تخرجهم في الجامعات، لأسباب تتعلق بغياب المواعين التنظيمية التي كان من الممكن أن تستوعب قدراتهم العالية، ولانقسامات الحركة الاتحادية المفاجئة لهم ولأفكارهم الوحدوية الصادقة..