سحرته بكلمات نابعة من القلب ، كلمات ليست مستهلكة ، ولا بضاعة مضروبه ، كلمات خارجة من طوق الأيام ، بدأت تكتب عنه ، أبلغها أنه شخص متجهم ، رجل تخاصم فضاءاته الإبتسامة المضيئة وينحت على ساعة الأيام صورا وهياكل من الأحلام المجهضة ، طلب أن يرسمها بريشته على خاصرة القلب ، وعدته اللئيمة غير أنها هربت وهي تلوك الصمت مثل زهرة تبحث عن نسمة هاربة من أتون الصيف ، عرف أنها تريد المراوغة ، ضحك من قلبه وتركها تبحر في فضاءات بلا مدى . جاءت مرة أخرى وهي تختزن الشوق ، قالت وهي تعبر على رمال أيامه المتعبة أنها قادرة على ترويض القلب مهما بلغت درجة إنغلاقه ، لم تعد تسمع غير دقات قلبه على إيقاع أيامها . بادرت بالتواصل معه ، قالت الفاكهة المدللة أن القلب يبحر في مدارته طلبت منه أن يكتب لها حتى يكون جزءا منها وقمرا يضيء في كراسة صمتها الآسر . شرح لها بعض خصوصياته ، باح لها بجزء يسير من رتم قلبه ، دعته للتواصل على إيقاع زمن هارب ومنفلت من بين يديه ، وقف مبهوتا بين السيف والوردة وهو يحمل قلبه بأصابع مرتجفه . قالت وهي تسرب إبتسامة من طاقة القلب أكتب عني لأحلق في مدارات من العطر ضحك كما لم يضحك من قبل وإمتطي قمر هارباً وهو يزرع بستانها بالأمنيات . لم يعد في القلب بوح ولا سقف من القصيد كل ما تبقى به نتف من الإنهزام والهروب . لا تهرب من يمامة ظلت تبحث عنك منذ أن رفرفت بجناحيها على هامة النسيم قالتها: وهي تتكيء على شباك الذكرى مثل نجمة هاربة من ريح العشيات . لكن القلب يا صديقتي أصبح مثل بستان هارب من رتم الربيع . أنا أعرف كيف أروض هذا البستان وأعيد إليه دفء الحياة قالت :وهي ترمي وردة قرمزية على إيقاع أيامه ، لا أستطيع أن أهرب منك دعني أبحر في مساراتك وردة بيضاء . لم يجد الرجل بعد كل هذا البوح الآسر سوى الإستسلام والهروب معها عكس ساعة الوقت . كتبت له ذات مساء حزين أنه عطر حياتها وجعل منها إمرأة ثائرة ومتمردة على طقوس الوقت ، وأن عربة حبه حولتها إلى نبض مثل قوس قزح ، دعته أن يمنحها قلبه لتبحر في صحراه ، وتلتقط لؤلو الزمن من شواطئه المستغرقة في الأحلام . أبلغها أنه سيبيع كل الأحلام على منصة الزمن ويفرد قلبه ليحتويها . لكن غابت عنه حينما إكتشفت أنه وقع في الشباك الناعمة لم يجدها حوله غادرت محطاته ، وهرب هو الآخر كما هربت وإنقطع التواصل بينهما وقرع الجرس على مزادات أيامها, وهو يشدو على إيقاع الغربه والمطر .