لجان مقاومة النهود : مليشيا الدعم السريع استباحت المدينة وارتكبت جرائم قتل بدم بارد بحق مواطنين    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    جامعة ابن سينا تصدم الطلاب.. جامعات السوق الأسود والسمسرة    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    بحضور عقار.. رئيس مجلس السيادة يعتمد نتيجة امتحانات الشهادة السودانية للدفعة المؤجلة للعام 2023م    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    احتجز معتقلين في حاويات.. تقرير أممي يدين "انتهاكات مروعة" للجيش السوداني    هجوم المليشيا علي النهود هدفه نهب وسرقة خيرات هذه المنطقة الغنية    عبد العاطي يؤكد على دعم مصر الكامل لأمن واستقرار ووحدة السودان وسلامة أراضيه    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رئيس اللجنة الاقتصادية الأسبق بالبرلمان في حوار الراهن «3-2»

د. بابكر محمد توم رئيس اللجنة الاقتصادية الأسبق بالمجلس الوطني لأكثر من عدة دورات، خبير اقتصادي ، يمتاز بقوة الطرح في تناول المشكلات الاقتصادية ودقة التحليل، وله جرأة فائقة في الحديث بكل شفافيةٍ. جلسنا إليه خلال هذا الحوار وطرحنا عليه العديد من القضايا الاقتصادية التي تواجه السودان الآن، وبعد طرح حزم من المقترحات العلاجية للخروج من الأزمة الاقتصادية. فتحدث عن الحلول المتكاملة، وليست الجزيئية وان الرؤية الاقتصادية لا تخرج عن السياسية وضرورة الإلتزام بالبرنامج الثلاثى، وانفاذه بالتزامن مع تقليل الصرف والتوجه نحو الإنتاج والاستفادة من مورد الذهب، بحيث لا يتكرر سيناريو البترول، من حيث توجيه موارده المالية فإلى مضابط الحوار ..
إذا رجعنا الى أسئلة المواطن العادي بعيداً عن المصطلحات الاقتصادية، كيف يمكن أن يجد الإجابات الشافية للمشكل الاقتصادي المزمن، ولسان حاله الى متى نظل في هذه الدائرة المغلقة من التعثر في الحلول رغم وجود السياسات والخبراء ..؟
على حد قولي لك ومتابعتى منذ البرنامج الثلاثي- وكل السياسات والخطط الاستراتيجية التي وضعت لمعالجة الاقتصاد السوداني، نجد أن هناك عدة أسباب منها ما هو خارجي ومنها ما هو داخلي...ابتداء من الخطة العشرية الأولى (1992 _2002) والتى أثرت عليها حرب الخليج الأولى، وبعدها جاءت مسائل السلام واجراءاتها جعلت هناك فجوة فبي التخطيط من 2002م الى 2007م وفي تلك الفترة طالبت الحركة الشعبية بإرجاء الخطة حتى يتم تضمينهم فيها بحسب اتفاقية السلام، وقبل أن تتم الخطة إنهار الاتفاق بخيار الحركة الشعبية للانفصال.. ووسط كل هذا ظل السودان تحت الحصار الاقتصادي، مما جعل فرص التعاون الخارجي أقل وخاصة في الاستثمارات... وهناك أيضاً مؤثر خارجي قوي هو أن السودان مستدرج نحو الحروب، ابتداء من افتعال مشكلة دارفور وتطويل أمدها واستنزافها للموارد، وتواصل الحرب مابعد الانفصال في جنوب كردفان والنيل الأزرق، وتحركات التمرد في مناطق دارفور وكذلك سياسة الحكومة الاقتصادية التي تمسك العصا الواحدة وتترك الباقي، فعند ظهور البترول ابتهجنا به وأمسكنا بعصاته، ورمينا الأخريات من زراعة وصناعة... ورغم الحديث عن عدم الوقوع في فخ البترول، إلا إننا بالفعل وقعنا فيه، وذهبت عائداته الى غير موضعها.. وحتى الذي وظف في موضعه سواء أكان في الزراعة، أو البنى التحتية، من شوارع وكباري ومنشآت لم يغطِ المطلوب على حسب الكثافة السكانية.. ونقطة ثانية مهمة هي أن التخطيط اتصف بالفوقية بمعنى الإنفراد بالقرار الاقتصادي الأحادي للحزب الواحد، في حين العالم اليوم يسير وفق الشراكة الذكية المتعددة، ويتم فيها ادخال القطاعات المختلفة ذات الصلة، مثل الاتحادات من مزارعين، وغرف صناعية، وحرفيين، وكل القطاع الخاص، بمعنى شراكة حقيقية وليس شراكة رمزية وصورية، لأنه- بحسب تقديري- أن كثيراً من قيادات هذه القطاعات قد كانت لا تمثل الوجه الحقيقي لهذه القطاعات، وما كانت تستطيع أن تعطي قرارها أو حتى تعترض.. لهذا جاءت القرارات الفوقية الأحادية التي لم تمنح الفرص للآخريين للمشاركة، فكانت هذه النتيجة... فلم تجد رؤية القواعد والمنتجين مكاناً لها في خارطة العمل الاقتصادي... وهذا البرنامج هو المخرج ولابد من التبشير به والتعريف به للناس..
مقاطعاً.. على ذكر الاتحادات والنقابات الآن هناك حديث عن عودة الجمعيات التعاونية الاستهلاكية للعمل كأحد الخيارات لحل مسألة ضبط الأسعار والسلع التموينية.. لكن السؤال كيف يضمن عدم تلاعبها خاصة وهي غير انتاجية !!؟
أنا أعتقد أن الجمعيات التعاونية لها دور كبير تلعبه في مسألة انسياب السلع بالأسعار المحددة للمواطنين، ولكن تدخل الإنقاذ في بدايتها والغاء عملها والاستعاضة عنها بلجان التسيير- عقب إخفاق بعض الجمعيات في آداء عملها وفسادها، وهذا لا ينطبق على الكثير منها- بطبيعة الحال- لكنه أثر على الحركة التعاونية، مما جعل الناس يعزفون عنها، وكذلك اعتقاد بعض أصحاب هذه الجمعيات بأن الإنقاذ اقتصادها تحريري، وبالتالي ليس هناك مكان للجمعيات التعاونية القائمة على النظام الاشتراكي، ولكن هذا اعتقاد خاطيء، لأن أمامنا مثال في أقوى الدول العالمية التحريرية بالتعاون فيها ماضٍ بشكل ناجح.. والتعاون عبر الجمعيات كأسلوب تجاري واقتصادي مهم في بلد فقير، ومواطنيها فقراء وليس لديها وعي بشركات المساهمة العامة وبقوانينها، بالطريقة التي تجعل منها سيدة الموقف الاقتصادي والمسيطرة عليه، حتى لا يتفلت.. ولكن عودتها الآن وخيار تمكينها هو قرار صائب بشرط التنظيم والمراقبة.. وهنا أشير الى قرار وزير التجارة بتدريب الفي شاب على العمل التعاوني بمركز التدريب التعاوني، بمعنى تجديد الدماء لهذه المنظومة، مما يتيح فيها العمل بروح جديدة وفق نظم إدارية حديثة متطورة، وحقيقة نحن لا نريدها منظومة للشيوخ، بل للشباب والمستقبل الاقتصادي، وفيها أيضاً فرص عمل كبيرة جداً للشباب، ومثالاً لذلك بعض البنوك كبنك الأسرة الذي بدأ في تسليف مالى لمجموعات تعاونية شبابية كمشروعات انتاجية.. واعتقد أن هذا بالنسبة للخريجيين الشباب أحسن من الشركات، وذلك بامتلاكهم جمعيات انتاجية تعاونية تقدم السلع بأسعار مناسبة للمواطنين، بعد أن تتاح لهم هذه المشروعات بعقود وشروط ميسرة..
قضية رفع الدعم عن المحروقات الهاجس الذي بات يؤرق كل المواطنين تحسباً لمآلات ما يحدث وما بين التطبيق وعدم التطبيق للقرار... ماهي رؤيتكم ؟
حسب حديثي السابق أعتقد أن خفض الانفاق العام هو الحل، وذلك بالإصلاح الكلي لأن المشكلة الرئيسية هي عجزالموازنة، وعجز الميزان الخارجي... الدولة كانت منتظرة 6 مليارات ونصف من النفط، لم تأت.. كيف يتم تعويضها؟ لابد من تخفيض الانفاق وليس الانتظار بأنها سوف تأتي بكره أو بعد بكره وتستمر بالعجز.. وأنا لو كنت وزير المالية في يوم الانفصال لاتخذت قراراً بتخفيض الميزانية بحجم 6 مليارات ونصف فوراً لتفادي العجز، وليس المسايرة معه- كما حدث- وأوصلنا الى هذه النقطة... وللعلم أن الاقتصاد مثل الماء تحت التبن.. تظهر المشكلة فجأة.. وإن لم تعالج تستشري مثل النار في الهشيم.. لذلك أهم نقطة قبل رفع الدعم أو عدمه، لابد من خفض الانفاق الحكومي وترشيد الصرف فوراً.. وحتى الانفاق لا يذهب غالبه الى جهات تنموية، إذ لابد من إعادة هكيلته لكي يذهب للزراعة مثلاً.. وعملية زيادة الإيرادات برفع الدعم عن المحروقات عملية صعبة وطويلة ومرهقة، ولن تأتي بفلوس بكره.. وكذلك ليس خفض مصروفات الدستوريين، وكذلك لا ننسى الولايات، فهي برغم العجز الكبير في الموازنة حولت لها أكثر من 25% من الموازنة، رغم أن صرفها ليس على التنمية، بل على الدستوريين والمجالس، وصرفها أغلبه سياسي وصرفها على التنمية1% أو 2% وبعضها ليس لديها اي صرف!!!
هناك سؤال يفرض نفسه يا دكتور... كيف استعصت هذه المشكلة، ولدينا هذا الكم الهائل من الخبراء والخطط والاستراتيجيات، ولكن رغم ذلك توجد الأخطاء ونعيش في قلب الأزمة الاقتصادية؟
جيد هذا سؤال محوري... أولاً عند بعض الناس أن هذه ليست أخطاء بل هي ضروريات لتركيز الحكم الاتحادي، وتوسيع القاعدة العريضة، واشراك الآخرين في الحكم.. وتنفيذ هذه السياسات ينعكس على الاقتصاد والموازنة وصرف الأموال بطبيعة الحال، رغم وجود الخطط.. وكما قلت إن الاقتصاد ليس حالة ثابتة، فهو في تغيير مستمر، وفقاً للأحداث وتأثيرها عليه مباشر أو غير مباشر.. ومن حق السائل أن يسأل عن الخبراء ودورهم وخططهم، لكن لا ننسى الجانب السياسي المنفذ، وعدم تنفيذ الخطط لتداخل ما هو سياسي اقتصادي، ولكل الظروف الخارجية أيضاً التي ذكرتها سابقاً..
نسبة لذكر التداخلات السياسية وتأثيرها على الخطط الاقتصادية مثل تأثير دخول بعض الحركات والمعارضة الى الجهاز التنفيذي، والوظائف، والترضيات، ومع قرار التخفيض الآن ألا يحيلنا هذا الى المربع الأول والاحتراب؟
أي ثمن يدفع من أجل السلام ينبغي أن يكون حافزاً للتضحية، ولا يحسب على السلام، بل يحسب له كعامل دافع وبناء له، لذلك أن الحالة الآن تقتضي التضحية لكل الذين، يرون أن السلام أولوية للوطن واستقراره، وليس المناصب والقيادات، في ظل المهدد الاقتصادي المحيط بالبلاد، وأنا أرى أن أخواننا في الحركات أو في المعارضة سبب اتخاذهم لقرار المعارضة هو عدم وجود التنمية، ولذلك اعتقد أنهم أحرص الناس على التنمية، ولهذا سوف يقرأون الأوضاع الحالية بتلك الرؤية الكلية الشاملة، وليس بالنظرة الشخصية الضيقة للمناصب التي هم فيها، وحتى الحكومة المتمثلة في حزب المؤتمر الوطني عليه النظرة بهذا المفهوم، لأن الوطن يحتاج الى تضافر الجهود للخروج به من بحر الاقتصاد المتلاطم الى بر الأمان.. وأظن أن هذه المسألة تحتاج الى نقاش وحوار متبادل على كافة المستويات حتى القواعد، لتأكيد مبدأ المشاركة في القرارات المصيرية المهمة، ولتنفيذ أيضاً مبدأ ديمقراطية الحوار، واحترام الآخر ولو كان في المعارضة... ومابينهم يظل المواطن ينظر اليهم كحكومة ومعارضة، منتظراً أن تقدم اليه الخدمات من تعليم وصحة ومياه وكهرباء في مستوى معقول يوفر له حياة كريمة...
... نواصل
إذن زيادة الإنتاج تعتمد على زيادة الإيرادات، ومن الإيرادات المهمة عائدات المغتربين التي تمثل جزءاً كبيراً من العملة الصعبة.. كيف يتم المحافظة على هذه الشريحة!!
المغتربون شريحة مهمة جداً.. وما في دولة غير مستفيدة من إيرادات مغتربيها من العملة الصعبة، لذلك توفير الدعم لهم وتسهيل الاجراءات وتحفيزهم لايداع عملاتهم وصرفها داخل السودان، ضرورة مهمة لزيادة إيرادات الدولة وفق خطط تضمن لهم حقوقهم، وتضمن للدولة الفائدة من عائداتهم المالية، والخطوة التي بدأت بها الدولة برفع سعر الصرف في الصرافات، يجب أن تكون خطوة نحو تحرير سعر العملة، حتى يتمكن المغترب من التحويل مباشرة الى البنك... وأيضاً من المفترض منح الذين يحولون مبالغ كبيرة امتيازات تشجيعية وحوافر.. كاستيراد سيارات، أو قطع أراضي، أو مشاريع استثمارية.. وهنا أقول لابد من معالجة سعر الصرف المختل غير الواقعي... وهذه معالجة لتحفيز المغتربين ومصدري الماشية والحبوب، لأن الدولار يأتي عن طريقهم، وحتى لا نفقدهم علينا بتحفيزهم.. والمغترب يحول في السنة مابين 3 الى 5 مليار تأتي عبر قنوات مختلفة، ونريدها أن تأتي عبر قنوات رسمية وبسعر حقيقي، وأعتقد أن هذه إحدى قناعات بنك السودان، وأنه في المستقبل سوف يحرك سعر الصرف حتى يكون مجزياً.. وأتمنى أيضاً أن تساهم الولايات في منح المغتربين أراضي حتى يستقروا في مدنهم، مع وجود الخدمات والاستفادة من عائداتهم وامكانية توظيفها نحو المشاريع، وهم الغائبون لفترة طويلة، بذلوا فيها خلاصة جهدهم وآن لهم أن يجدوا التقدير في وطنهم، وبالتالي ينموا الريف بالإنتاج...
زيادة الأجور، والمرتبات أحد الحلول المقترحة لفك ضائقة المواطنين، ولكنها مواجهة بغول السوق وارتفاع الأسعار وعدم ضبطه، وكذلك ليس كل المواطنين موظفين يتلقون مرتبات.. كيف ترى هذه الخطوة؟
أولاً الدولة منذ عدة سنوات لم تلجأ الى زيادة المرتبات، وهذا غير طبيعي في ظل تصاعد الأسعار، والغلاء، وحالة الاقتصاد غير المستقرة، ويجب على الدولة أن تواكب مستوى الأسعار الموجود، بوضع حدود متقاربة للمرتبات، ولكن اقتصادياً أن رفع المرتبات وحده لا يحل المشكل الاقتصادي، رغم أنه من حقهم تحسين مستويات دخلهم، حتى لا نفقد قطاع الموظفين في الخدمة المدنية، بسبب تدني المرتبات، مما ينعكس على الاداء، وكذلك ينسحب هذا الحديث على أصحاب المعاشات أيضاً، فهم شريحة قدمت خلاصة عمرها للوطن وللخدمة العامة، ويجب رفع معاشاتهم أسوة بالموظفين..
عدم القراءة المستقبلية الصحيحة لإيرادات البترول أدخلتنا في نفق التضخم والركود..الآن أمامنا معدن الذهب وموارده الضخمة... هل سيتكرر السيناريو أم أن هناك فطنة؟
الآن نحن في ذات السيناريو وفي بداية الوقوع في الفخ.. كما كانت بداية ظهور البترول، وأحذر من التوجه إليه بذات الأفكار، وعدم الاستفادة منه في تسخير موارده المالية الضخمة في الإنتاج، وأيضاً ألاَّ نرهن أنفسنا للذهب الأصفر فقط، فهناك الذهب الأبيض.. القطن وعبر الزراعة الحديثة، ويمكن أن يعود الى سيرته الأولى... أما الذهب فهو قطاع يحتاج الى تنظيم وشراكة حقيقية مع الذهَّابة.. وهناك «الأهليون» ونريده أن يكون أحد الموارد التي يجب أن تستغل، وتهتم بالمنقبين وصحتهم لأن عملية استخراجه صعبة، وفي ظروف قاسية، وحتى لا يلجأون الى التهريب في حالة عدم الانصاف في البيع والشراء، فهو قطاع يحتاج الى ترتيب وتنظيم وخدمات بتقليل المخاطر، وكمورد يجب توظيفه.. والذهب يمكن أن ينضب أيضاً... لذلك لابد من توجيه موارده نحو الزراعة لأنها هي المتجددة...
مقاطعاً.... لكن يا دكتور تتحدثون عن الزراعة والعودة إليها فيما هجرها المزارعون نسبة لسياسات الدولة، وعدم توفر مدخلات الانتاج، وغلاء الجازولين، والضرائب، والجبايات، فكيف تستقيم المعادلة مابين العودة وعدم تهيئة الظروف لهم..؟
صحيح ما قلته وأنا من بيئة زراعية من ولاية سنار، وأحس بكآبة المزارعين عندما أراهم، وأنظر حالتهم ودخلهم الضعيف في مقابل ما يزرعون، وعدم توفر مياه للزراعة، وبذور محسنة وسماد... والمزارع هناك تحت هجير الشمس يشرب من ترعة أو حفير، ويكابد في معاناة، ودخله كله يتركز في ثلاثة شهور، وبقية السنة يكون من غير عمل، ولو نجح في الزراعة يخرج بمحصول قد يكون معيناً له في السنة، فكيف سيستمر في الزراعة بهذه الظروف؟! لهذا هجر الشباب الزراعة، واتجهوا الى بيع المناديل في تقاطعات الخرطوم أو الذهاب الى الذهب.. لذا على الدولة إعادة السياسات تجاه المزارعين، وتوفير المدخلات لهم والآليات المساعدة، ليعودوا الى الزراعة في ظروف طيبة تمكنهم من الإنتاج، والديمومة في فلاحة وزراعة الأرض...الآن غالبية المزارعين في الأراضي المروية لديهم ماكينة «ليستر» لسحب المياه... بدلاً من أن توفرها لهم الحكومة للزراعة... إذن نحن نوصي بالاستثمار في القطاع الزراعي ومراقبته ومعرفة نواقصه.. وأن يكون كل معتمد في محليته ويقف على المشاريع مع وجود المرشدين، وليس بالخطط والبرامج، بل بالمتابعة اللصيقة، والإرشاد، والتنظيم، والتوجيه، والمراقبة، وتقييم وتقييس، وليس فقط جباية الضرائب والجبايات الأخرى.. ولهذا الصورة تحتاج الى تغيير في مسألة الزراعة برمتها منذ البداية الى النهاية، في كافة المشاريع الزراعية، وتنظيم العلاقات الانتاجية مابين المزارعين والدولة، وهذا هو الذي يضمن الخروج من هذا النفق، لأن الاقتصاد هو انتاج نوزعه ...!!!
أخيراً ما هي الوصفة الناجعة للاقتصاد السوداني المعافى والعودة من جديد ....!!!
اعتقد أننا محتاجين الى التوازن مابين الرؤية السياسية والرؤية الاقتصادية، نحتاج أيضاً الى معالجة القضايا الخارجية لكسب المزيد من التعاون الخارجي، والابتعاد بقدر الإمكان عن الحصار والقرارات الأمنية، ونحتاج للاستقرار والعمل من أجل السلام، وفي العمل على المستوى الداخلي نحتاج الى تخفيض الصرف والانفاق، وتوجيه الموارد نحو التنمية، وعمل سياسات جاذبة للاستثمار، ومشجعة للقطاع الوطني .. ومنحه حجمه المطلوب، والقطاع الخاص الذي أقصده هنا هو أي مزارع أو راعي في الخلا يحتاج لتوفير المعينات لمهنته دون عناء ولابد من إحساسه بأن الدولة تقف معه في توفير بذور محسنة لزراعته، وتطوير ماشيته، والاهتمام بصحته، وتعليم أبنائه، وتوفير كل متطلبات عمله، من تمويل... والاهتمام بقاعدة العمل الانتاجي من زراعة وصناعة حتى تكبر، هو القرار السليم الذي يحتاج الى زمن وصبر، مع استصحاب كل التقنيات الحديثة لترقية هذه القطاعات الإنتاجية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.