ولكن ما الذي أوصل سفينة الإنقاذ إلى لجج المحيط وهذه الأمواج العالية الهائلة.. وحشد من أسماك القرش تحيط بها إحاطة السوار بالمعصم بعد إبحار ثلاث وعشرين سنة لا تنقص إلا أسبوعاً.. والجواب أنصع من ضوء الشمس في ظهيرة خط استواء.. كان ذلك وسيظل كذلك إذا بقي الجهاز التنفيذي هم البحارة.. ولأننا ننشد الرسو.. أو على الأقل رسو الوطن بكل شعبه إلى الضفاف الآمنة.. لأننا كذلك فلتسمح لنا الإنقاذ أن نخاطبها بأشد الكلمات والحروف إبانة ونصاعة وأيضاً غلظة.. إن الحصاد المر.. حصاد عقدين من الزمان وتزيد.. هو أولاً وأخيراً في البحارة.. والذين هم الجهاز التنفيذي.. إنهم من نشروا القلاع وجدفوا عكس التيار.. أنا لم أسمع بمثل هذا مطلقاً.. بعض أركان الجهاز التنفيذي وبعد أن يتوهط تماماً على إمارة أو وزارة.. يعتقد في يقين لا يخلخله شك.. وثقة لا يزعزعها شك أن هذه الوزارة ضيعة أو ملك مشاع أو مسجل باسمه يفعل فيها ما يفعله رب شركة بشركته أو صاحب متجر بمتجره.. لن نورد أمثلة فقد زهجنا من ذلك وفاض بنا الكيل.. والحكومة تعرف ونحن نعرف والصحف لم تترك شاردة ولا واردة إلا وفي كل صفحة من صفحات الولوغ في المال العام طعنة من رمح وضربة من سيف.. ولا يموت ذاك أو ذلك أو أولئك كما يموت البعير.. بل ابتدعت الحكومة فقه السترة.. ونحن لا نرمي أحداً بفرية أو بهتان.. ولا «نخلق» شيئاً من رؤوسنا.. فقد كان الحديث متاحاً ومباحاً تحت هالات الضياء ومباشرة تحت بؤر الضوء.. واضحاً على صفحات الصحف.. و«تعالوا معاي».. فقد أجرت صحيفة مع أكثر من الرموز الإنقاذية وقاراً وصدقاً ونفوذاً.. سألته الصحفية.. «لقد ازدحم الفضاء بالحديث عن الفساد واجتياح المال العام.. ولم نسمع بمسؤول واحد قدم إلى المحاكمة؟».. هنا أجاب «شيخنا» لقد تعاملنا مع هؤلاء الإخوان ب«فقه السترة».. ونحن نقول لشيخنا.. إن حرفاً واحداً من أحاديث النبي المعصوم عليه صلوات الله أجل قدراً وأعظم مكاناً من فقه السترة.. ولأن الأمر أمر دين لا بأس أن نعيد عليكم حادثة المرأة الشريفة.. علكم تعودون إلى الجادة.. والقصة أن إمرأة من أعلى بطون قريش قد سرقت.. وحتى لا يقام عليها الحد فقد كبر ذلك على رهطها.. فما كان منهم إلا ابتعاث أسامة بن زيد أحب الناس إلى الرسول صلوات الله وسلامه عليه.. ليتشفع عنده.. هنا قال النبي صلى الله عليه وسلم غاضباً مخاطباً أسامة «أتشفع في حد من حدود الله.. إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد.. فوالله لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها». والآن يا أحبة.. ألا ينطبق ذلك على بعض منكم.. وألا تشعرون أنكم تتدحرجون بسرعة الكونكورد إلى مهاوي الهلاك تأكيداً لمقولة وحديث سيد البشر.. ثم اسألوا أنفسكم لماذا يا ترى تلاحق الحكومة بالمحاكم والغرامات والتشهير والسجن.. مواطناً في خمسمائة أو حتى ألف جنيه.. ثم سؤال لكم.. هل كانت الدولة ممثلة في مسؤوليها تنفق بوتائر دولة فقيرة أم كانت تتقلب في مخدات الترف والحياة الناعمة وكأنها ولاية غنية من ولايات اليانكي.. نعم إنه الحصاد المر.. وإنها المحطة الحتمية التي يصلها قطار الصرف البذخي والعلاج القاري وراء الحدود.. وذاك الأسطول من الفارهات التي تجوب أو تنزلق أنيقة على الأسفلت.. غداً نحدثكم عن الذين ظلوا «مقرراً» علينا لثلاث وعشرين سنة وكأن حواء عقمت بعد إنجابهم.