في السودان هناك تلوث يمسك بتلابيب الوطن لدرجة أن البلد أصبح يصرخ " أني أغرق " هذا التلوث ظهرت بوادره منذ أن أحكم العسكر قضبتهم على هامات الحكم ، وأصبح السودان محكوم ب " العسكراتيكا " وإذا كان التلوث بالمخلفات يمكن إستئصاله فإن التلوث الفكري صعب المراس وهو يعشعش في الأمخاخ مثل أجعص فيروس ، بصراحة بدون لف ولا دوران أقولها بالفم المليان ، أن كل المشتغلين بالشأن السياسي في السودان ملوثون ، ربما يقفز أحد ويسبني لصراحتي ولكن اقول أن تلوث هؤلاء له أشكال مختلفة ، تتمثل في التلوث بظلم الغلابا ، التلوث بلهف المال العام والتلوث بحب السلطة ، للأسف في جميع الحكومات المدنية والعسكرية شهد السودان عمليات لهف من العيار الثقيل تبعا للنغمة الجميلة أخطف و أجري من بدري ، لكن في هذا العهد الزاهر أصبحت عمليات اللهف على قفا من يشيل ، وأصبح الوطن ملوثا بصفة الفساد ، وإحتل بواسطة هؤلاء الأشاوس المرتبة الأولى في عمليات التلوث في أفريقيا والشرق الأوسط ، برافو ومبروك علينا هذا اللقب الجميل الذي جلبه لفضاءات الوطن الملوثون ، ربما يقول قائل أن زعمات الأحزاب ليست ملوثة ، ههههههه ، على فكرة هذه الفئة تدخل بالطبل والطمبور والربابة في عمليات التلوث الكبرى والصغرى في السودان ، يعني بالمفتشر أن زعامات المؤتمر الشعبي ، المؤتمر الوطني ، الأمة ، والإتحاد الديمقراطي هم أسباب التلوث الذي يمسك برقبة الوطن . وإذا تجاوزنا عمليات التلوث التي جلبها أصحاب السلطة والصولجان إلى السودان ، نجد أن الوطن يشهد هذه الأيام تلوث بالقنابل المسيلة للدموع ، بالمناسبة كشفت دراسة أجراها باحث مشاغب أن الربيع العربي شهد وما يزال يشهد إستخدام المئات من القنابل المسيلة للدموع ضد المحتجين ، ومن المفارقات العجيبة أن السودانيين كتب عليهم ذرف الدموع على طول الخط ، ففي أيام السلم والإستقرار يذرفون الدموع الغالية والرخيصة بسبب الغلاء الفاحش ، وتسلط الحكام وكتم الحريات والعطالة ، وفي هذه اللأيام حيث يشهد الوطن إنطلاق إحتجاجات الكتاحة السودانية نعم الكتاحة فإن المحتجين يعانون من القنابل المسيلة للدموع ، وإذا كانت دموع الجوع لا تقتل الإنسان فإن القنابل المسيلة للدموع كفيلة بحصد الأوراح خاصة إذا كان الشخص الذي تعرض لها يعاني من مرض في القلب ،عموما تعالوا نسأل أنفسنا لنفترض أن الإحتجاجات السودانية إستطاعت أن تكسر شوكة الحكومة وتسقط حجر المؤتمر الوطني وتركله إلى دهليز التاريخ ، هل يمكن أن يكون الصادق المهدي أو الدكتور حسن الترابي أو محمد عثمان الميرغني كوادر مناسبة لقيادة السودان إلى بر الأمان ، أسمعوني أتصور يا جماعة الخير أن كل هؤلاء القوم أصبحوا محنطين وتجاوزهم الحراك السياسي ، السودان اليوم بحاجة إلى دماء جديدة ، لا تنتمي إلى زعيط ومعيط وأخوهم نطاط الحيط ، حراك جديد يقطع دابر القلاقل وعدم الإستقرار والبلاوي الإقتصادية ، روحوا في داهية يخرب بيوت أهاليكم يا ملوثين .