ليس حسني مبارك أول، ولن يكون آخر، رؤساء وقادة الدول الذين ينهون حياتهم السياسية خلف القضبان بعد أن حكمت عليهم محاكم شعوبهم بالسجن، أو حتى بالإعدام لخيانتهم الأمانة. مبارك أول رئيس مصري وثاني رئيس عربي ُيحكم عليه بالسجن بعد زين العابدين بن علي رئيس تونس السابق الذي ُحكم عليه غيابياً بالسجن 16 عاما. والقائمة طويلة فهي تضم الرئيس الروماني نيكولاي تشاوشيسكو الذي حكمت عليه محكمة عسكرية إستثنائية بالإعدام فور الإطاحة به عام 1989 بعد أن حكم رومانيا 24 عاماً، وتمت محاكمته بتهم قتل متظاهرين فى الثورة التى إندلعت ضد الفقر والتجويع والفساد. وحاول تشاوشيسكو قمع المظاهرات، وعندما إنضمت بعض وحدات الجيش للشعب، ظهر فى خطاب شهير يستجدى الجماهير لكنه فشل فحاول الهرب هو وزوجته على متن طائرة هليوكوبتر، وإعتقلهما الثوار وتمت محاكمتهما محاكمة عسكرية سريعة إستغرقت ساعتين فقط، وإنتهت بصدور حكم بإعدامهما رمياً بالرصاص فى يوم عيد الميلاد 25 ديسمبر 1989. وُحوكم أيضاً سلوبودان ميلوسيفيتش في عام 2002 أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهمة الإبادة الجماعية وإرتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية أثناء نزاعات كرواتيا والبوسنة والهرسك وكوسوفو. ورغم الجرائم البشعة التى إرتكبها بحق مسلمى إقليم كوسوفو وإبادة عشرات الآلاف، فإن القدر وحده أعفى سفاح أوروبا من الإعدام، ولقبه خصومه بالشيطان، وخضع بعد إعتقاله للمحاكمة فى لاهاى بتهمة إبادة جماعية ضد مسلمى كوسوفا، وعثر عليه ميتاً فى سجنه فى 2006 وسط شائعات بإنتحاره. أما رئيس تشيلي الأسبق أوجوستو بينوشيه فرغم محاكمته بتهم قتل وإختطاف معارضيه السياسيين فيما بين أعوام 1973 و1990 إلا أن تقريراً أفاد بإصابته بإضطرابات نفسية أدى إلى إفلاته من المحاكمة ومن ثم إقرار العقوبة. ونفس المصير لاقاه ديكتاتور تشيلى الأسبق أوجستو بينوشيه الذى حكم البلاد بين أعوام 1973 و1990 لمدة 17 عاماً، وأُتهم فى عدد كبير من الجرائم بحق شعبه، لكنه توفى فى عام 2006 بسبب تدهور صحته، وكان بينوشيه قاد إنقلاباً عسكرياً فى عام 1973 ضد سلفادور الليندى، رئيس تشيلى المنتخب، بمساعدة أمريكية، وحكم البلاد بالحديد والنار، وإتبع سياسة الإعتقال والتصفية الجسدية ضد معارضيه، الذين أججوا موجات إحتجاج ضده فقاومهم بالقمع الدموى مما تسبب فى سقوط عشرات الآلاف، وحاول سن قوانين تتيح له الحكم مدى الحياة حتى أجبرته المعارضة على ترك منصبه عام 1990، وُوضع قيد الإقامة الجبرية بعد هروبه لبريطانيا حتى توفى قبل إستكمال محاكمته. ومن حكام أمريكا اللاتينية الذين مثلوا أمام المحكمة، رئيس بيرو السابق ألبرتو فوجيمورى الذى حكم بيرو من عام 1990 وحتى عام 2000 ، وإرتكب مجازر ضد المدنيين لسحق التمرد، وشهد حكمه تفشى الفساد وإستغلال النفوذ الذى قاد البلاد إلى فقر إقتصادى، حتى إنهارت حكومته عام 2000 وتم نفيه إلى اليابان وصدر أمر دولى بإعتقاله فعاد إلى بلاده بعد 7 سنوات وتم تقديمه للمحاكمة وسط إجراءات أمنية مشددة وحكم عليه بالسجن 25 عاما. أما الجنرال مانويل نورييجا فظل يحظى بدعم أمريكى حتى تولى رئاسة بنما منذ عام 1983 إلى عام 1990، ثم أُطيح به بعد غزو الولاياتالمتحدة بلاده عام 1989، وإستسلم للقوات الأمريكية فى عام 1990 وحكم عليه كأول رئيس أجنبى فى الولاياتالمتحدة بالسجن 40 عاماً بتهمة الإتجار بالمخدرات والإبتزاز وغسل الأموال، وخفضت إلى 30 عاما، ثم حكمت عليه فرنسا 10 سنوات أخرى مع زوجته بتهمة غسيل الأموال. ويعد رئيس بيرو الأسبق ألبرتو فوجيموري نموذجا للقادة الذي خضعوا للمساءلة القانونية حيث خضع لأربع محاكمات قضائية متتالية أدين فيها جميعا، وكانت المحاكمة الأولى فى عام 2007 عندما أُتهم بإستغلال نفوذه كرئيس للبلاد وأمر بتفتيش ومصادرة منزل زوجة مدير المخابرات السابق فلاديميرو مونتيسينوس، فحُكم عليه بالسجن لمدة ست سنوات.